أعتقد بأن معظمنا سمع أو شاهد بأم عينيه ما يخلفه الصراع الأسري من أضرار لدرجة أنني شخصياً «أستغرب» من أشخاص ذوي كفاءة ومثاليين يصبحون «أشراراً» ويتسمون «بالعناد» عندما يصل أمر زواجهم إلى مرحلة الطلاق، وينسون المودة التي كانت تجمعهما في يوم من الأيام. ويتناسون «الرحمة» التي أوصانا الله عز وجل بها.أعرف أحدهم شخصياً وهو شخص خلوق جداً وملتزم دينياً، حصلت بينه وبين زوجته «الرائعة» خلافات أدت إلى «الطلاق»، وللأسف أثمر زواجهم عن عدد من الأبناء كانوا ضحايا «تعنتهما وعنادهما». فجأة أصبح هذا الإنسان الخلوق «عديم خلق» وأصبحت طليقته الرائعة «بغيضة»!! واشتعلت الحرب والمساومات بينهما وكان الأطفال هم الخاسر الأكبر. فبين أب ينعت «أمهم» بأبشع الصفات، وينفق عليهم بتقتير ليس لضيق اليد إنما كيداً لأمهم، وبين أم تحرمهم من رؤية «أبيهم» وتماطل في ذلك، وتتفنن في إغاظته بتصرفاتها غير المسؤولة تجاه الأبناء بدأت الحرب التي لم تنتهِ حتى هذه اللحظة. أصبح الأبناء «معاقين نفسياً» بسبب انعدام «القدوة» فكل الأطفال دون استثناء يشكل أباؤهم «القدوة» في حياتهم لاسيما في المرحلة العمرية المبكرة!! ولا أبالغ إذا ذكرت بأنني أشعر بأن هؤلاء الأبناء سيصبحون مجرمين أو منحرفين في المستقبل بسبب الخلافات غير المنتهية بين أبيهم وأمهم. ومازلت أتذكر بأن الأب اتهم الأم بأنها لا تحسن تربية ابنته عندما أصابها «التهاب»، لم أشعر لوهلة بأن الأب يريد علاج ابنته بقدر ما كان يريد أن يخلق مشكلة لطليقته!! ومازلت أتذكر عندما أراد الأب أن يسافر بأبنائه للاستجمام فأخذت الأم تماطل في ذلك غير مبالية باحتياج أبنائها للترويح عن النفس، ولم توصلهم للمطار في يوم السفر، مما جعل أبناءها يكرهون العيش معها. ومع أبيهم.قال لي ابنهما ذات يوم، لا أريد الحياة مع أي منهما، سئمت خلافاتهما، أتمنى أن أهرب وأعيش في مجتمع آخر. وأذكر عندما قالت لي ابنتهما الصغيرة بعفوية، ألا يوجد من يشتريني!! إني فتاة لطيفة ومطيعة ولا أريد إلا أن تشتريني عائلة أخرى غير عائلتي هذه.يقال إن آخر العلاج «الكي» وآخر الحلول في المشاكل الزوجية هو «الطلاق»، فشكراً للمجلس الأعلى للمرأة لاهتمامهم بتشكيل مكتب للتوافق الأسري ومتابعتهم الحثيثة له، ولاهتمامهم قبل ذلك بتوفير عدد من الورش التدريبية للطلبة في عدد من الجامعات والمدارس. ونأمل أن يعد المجلس الأعلى للمرأة عدداً من الدراسات العلمية على الحالات التي تتوافد على مكتب التوثيق، لدراسة هذه الحالات وتحليلها ومن ثم الوصول إلى توصيات تعالج مختلف القضايا الأسرية، كما نأمل أن تفرد وزارة التربية والتعليم مقرراً عصرياً يهتم بموضوع الزواج يدرّس لطلبة المرحلة النهائية من الثانوية العامة، ويتحدث بأسلوب شيق ومفهوم وواقعي عن الزواج، والمشاكل التي قد تشوب هذه العلاقة، والطرق المثلى لإصلاحها، بدلاً من أن يقتصر التدريب على عدد محدود من طلبة المدارس والجامعات. فمن خلال عملي المتواصل مع الشباب أرى بأن نظرتهم قاصرة تجاه الزواج، ومستسقاة من وسائل الإعلام التي شوهت هذه العلاقة المقدسة. كما وأنه يجب على المجلس الأعلى للمرأة ووزارة العدل التعاون من أجل تصميم ورش تدريبية للمقبلين على الزواج فالوقاية خير من العلاج، ويجب أن تكون هذه الورش أساسية لعقد الزواج مثلها مثل الفحص الطبي. فمثلما نبدي حرصنا على «الصحة المجتمعية» من خلال القيام بالفحص الطبي قبل الزواج يجب أن يكون لدينا نفس الحرص على ألا يكون الطلاق هو حليف الزواج المبني على غير «فهم» وتنتج عنه «أمراض نفسية» تصل بالمجتمع إلى زيادة الانحراف والجريمة.إن التوافق الأسري في مفهومه البسيط هو وجود علاقة انسجام ومودة بين أفراد الأسرة، فشكراً للمجلس الأعلى لجميع جهوده في سبيل الحفاظ على الأسرة البحرينية.