شباب البحرين اليوم أكثر حظاً منا عندما كنا في أعمارهم، هم محظوظون لأن القيادة والحكومة تعطي فرصاً ذهبية للشباب البحريني ليبرزوا إبداعاتهم ومهاراتهم من خلال بيئة حاضنة لهم، وتمسك بيدهم دائماً إلى بر الأمان، لا أقصد أبداً البيئة الإرهابية التي تحتضن بعض الشباب المغرر بهم، وترسم لهم طريق الهلاك ودفن مواهبهم الحقيقية في التنمية والابتكار، فهذه عناصر تهدم روح الشباب وتلوث أفكارهم بل تسممها حتى لا يصلوا إلى قمة المجد في العلوم المختلفة، فهذه البيئة تهوي بقدرات الشباب إلى قاع الأرض، ليشار إليهم بأنهم إرهابيون ومفسدون. في أيامنا كانت الفرص بسيطة لاحتضان مواهبنا وإبراز إبداعاتنا، بل لم يعتنِ بنا أحد «بصراحة» لاكتشاف مهاراتنا وتوجيهها التوجيه الذي ينبغي أن نكون فيه، ملاذنا في التوجيه محيط الأسرة، أما المدرسة فقد كانت «حظك نصيبك»، إما تكون الإدارة همها الدراسة والامتحانات فقط، أو يكون حظك من السماء إذا احتضنت المدرسة مواهبك ووجهتك لتكون كما تحب، لا أنكر بأن كان هناك بعض الجمعيات والنوادي ولكنها لم تكن تشبع النهم الشبابي، فغالباً ما يرتاد النوادي الرياضية الشباب أكثر من البنات، كما أن بعض الجمعيات كانت تركز على العلوم الدينية وبعض الأفكار التي اكتشفناها الآن بأنهم أصحاب أجندات لاحتضان الشباب لأهداف محدودة، منهم من سار على دربهم ومنهم من اكتشفهم وابتعد عن وجهتهم الخبيثة. عموماً، نحن سعداء بهذا التآلف بين شباب اليوم وتكاتف القيادة والحكومة لهم، فالشباب اليوم يمر بأزمة حقيقية، لم نمر بها كما شباب اليوم، شباب يغلب عليه التوتر والقلق لما تمر به المجتمعات اليوم، وللمستقبل الذي ينتظره، وما يرسمه من مستقبل باهر ومشرق وتحدٍّ مع عنفوان الشباب، المجتمعات التي تدرك تماماً أن الاستثمار الحقيقي للوطن هو بكوادرها البشرية فإنها تكون قد قطعت نصف مشورها للتنمية، وعندما تدرك بأن النصف الآخر لبلوغ المستحيل يكون من خلال الشباب فإنها تكون قد وفرت الوقت والجهد في استثمارها الاستثمار الحقيقي للشباب، فمن هم هؤلاء الشباب الذين يجب أن نعطيهم جل اهتمامنا؟ هم أبناؤنا الذين سيرثون هذا الوطن كما نحب ونرتضي لهذه الأرض الطيبة، من الخطأ أن يكونوا بمعزل عن كل شيء ومن الخطأ أيضاً أن نسلمهم كل شيء وهم غير قادرين على حمل الأمانة، فالوطن بمجالاته أمانة عند الجميع، ولا يستطيع أن يحمل الأمانة إلا من هو أهل لتحمل المسؤولية، ولن يكون الشباب قادراً على تحمل المسؤولية ما لم يخض معارك الحياة ويفهم نفسه وقدراته ومهاراته قبل أن يفهمها مجتمعه. مدينة شباب 2030، مثال جميل لاحتضان مواهب وقدرات ومهارات الشباب، مدينة الشباب يحتاجها مجتمعنا أكثر من احتياج الشباب لمثل هذه النماذج الباهرة، لا أحد ينكر جهود مدينة شباب 2030، فالجميع يثني على هذا التجمع الشبابي الذي يقوده الشباب، ففي كل عام نتأكد بأن مدينة الشباب منظومة جادة وكيان حيوي لا بد أن ينجح ويستمر ويتطور مع التطور السريع واحتياجات المجتمع لمثل هذه المشاريع التي تمسك بيد الشباب ليكونوا قامة هذا الوطن، والاستمرارية لا تعني بأن تكون مدنية الشباب في صيف كل عام، الاستمرارية تعني بأنه آن الأوان مع هذا النجاح أن يستمر على مدار السنة. على وزارة التربية والتعليم ووزارة شؤون الشباب والرياضة أن يتكاتفوا لتكون مدينة شباب 2030 ضمن متطلب لا ينفصل عن المنهج الدراسي، لسنا بحاجة لطلاب يحفظون الدرس وينسونه بعد الامتحانات، الشباب بحاجة لصقل بعض المهارات وإبراز بعض القدرات لتكون محصلة الطالب علماً ومعرفة ومهارة وابتكاراً وإبداعاً. من الخطأ أن تكون مخرجات التعليم مبنية على الحفظ فقط، ومن الخطأ أن يكون احتضان الشباب خجولاً بمعنى بسيط «وعلى قد الحافك مد رجولك» أبداً لا ينطبق هذا المثل على الشباب واستثمارهم الجاد. كثير من الطلاب الحاصلين على معدلات عالية في الثانوية العامة والجامعات، ليست لديهم ثقة بأنفسهم، يخافون أن يتكلموا أو يبدوا آراءهم خشية أن يرتكبوا خطأ ما ولا يعرف بعضهم «وين الله قاطهم»، هذا لاشك أنه هدر لطاقات الشباب، مدينة الشباب يجب أن تستمر على مدار السنة، ولا أحد «يتلكك» بالميزانية فالمخرجات واستثمار الشباب الاستثمار الصحيح نتائجه عالية جداً في المستقبل، ولكن علينا أن نضع الاستراتيجية الشبابية الصحيحة وسوف تدور الأيام لتثبت لنا أهمية هذا الاستثمار.