أكثر ما يسعدنا كبحرينيين حينما نرى علم بلادنا شامخاً عالياً في المحافل العالمية بتنوعها واختلافها. بلادنا الصغيرة حجماً والتي كان كثير حول العالم لا يعرفون أين تقع، اليوم هي موجودة بقوة على الخريطة العالمية من خلال إنجازات أبطالها وأبنائها المبدعين المخلصين، بالأخص في المحافل الرياضية الدولية. كنا نقول بأن استضافة سباق جائزة البحرين الكبرى للفورمولا واحد ستضع بلادنا على خريطة العالم الرياضية، باعتبار أن هذا الحدث يعتبر ثالث أضخم حدث عالمي من ناحية المتابعة الجماهيرية بعد كأس العالم لكرة القدم والألعاب الأولمبية بمعدل 500 مليون مشاهد للسباق حول العالم. إلا أن استضافة الأحداث الكبيرة لا تماثل طعم تحقيق الإنجازات الكبيرة، والبحرين أثبتت خلال السنوات الماضية وفي ظل الاهتمام الكبير من قبل جلالة الملك حفظه الله وهو الرجل الرياضي الزاخر تاريخه بالمنافسة في مختلف الألعاب وكونه لاعباً كروياً متميزاً، في ظل عهد جلالته، تألقها رياضياً ولفتت الانتباه. فرح الناس يكون دائماً برؤية علم بلادهم البحرين خفاقاً، وبسماع النشيد الملكي يعزف ويقف له جميع الناس صمتاً واحتراماً، وعليه كل إنجاز فيه اسم البحرين يشرفنا ونعتز به. لكن بعض الإنجازات لها طعم خاص، وبريق مختلف، ورونق رائع، خاصة حينما تجد تفاعل الناس معها، وتجد دعواتهم بالتوفيق تتردد وتتكرر. في أولمبياد ريو كان اسم البحرين رناناً، كان الإبداع حاضراً، وتزامن الأداء البطولي البحريني هناك بانتصار رائع حققه أمير الشباب والرياضة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة نجل جلالة الملك بقيادته الفريق البحريني في بطولة الرجل الحديدي بأوروبا، في إنجاز فريد من نوعه يضاف إلى سلسلة إنجازات الفريق الذي يخوض رياضة من أقوى الرياضات التي تحتاج لمجهود عضلي وتركيز عصبي وعزيمة وإصرار، فمبروك للشيخ ناصر هذا الإنجاز الكبير، وتحية له لاهتمامه وقيادته أفراد الفريق البحريني وحرصه على تدريباتهم وإعدادهم وصقلهم مثلما نراه ونتابعه عبر وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بسموه. تزامن الإنجاز الذي صنعه سمو الشيخ ناصر وكتيبته بإنجاز رائع للبحرين في الأولمبياد، بتحقيق ذهبية أولمبية بحرينية هي الأولى من نوعها، وفضية تضافان لبرونزية سابقة، لكن «الملحمة البحرينية» الجميلة كانت تتمثل بشاب بحريني طموح، فرض على العالم أن يحسب له ألف حساب، فرض عليهم الوقوف له احتراماً، قارع الكبار وأحرجهم، وسجل اسمه بماء من ذهب، على أنه ابن البحرين علي خميس سادس أسرع عداء في العالم في فئة الـ400 متر. هذا الشاب الذي برز بقوة في البطولات الآسيوية وخطف ذهبية غالية تسببت يومها بنزول دموعنا، حينما تابعنا مقطع الفيديو الذي يحتضن فيه الأسطورة البحرينية في سباقات العدو الكابتن الذهبي الآسيوي أحمد حمادة، يحتضن الشاب المفاجأة علي خميس، وهو يردد «هذه الميدالية انتظرتها من زمان، ميدالية لبطل بحريني»، ويطبع قبلة حارة على رأس علي خميس، والذي بدوره بأخلاقيات البحريني الرائع قبل حمادة على رأسه، في لوحة جميلة تبين «سمو» الأخلاق و«عظيم» التقدير الواجب على أبناء أبطال الجيل الحالي لسابقيهم أبطال الجيل السابق. تفاعلنا بقوة مع البطل الذهبي علي خميس، ذكرنا بنفس الإحساس حينما كانت تعدو غزالة البحرين الذهبية رقية الغسرة، سهرنا لمتابعته وقلوبنا معه، نتمنى له التوفيق رغم إدراكنا لصعوبة التحدي، لكنه كان أهلاً له. الرقم الذي حققه علي خميس قياسي على الصعيد الوطني، وقياسي أيضاً على مستوى العرب والقارة الآسيوية بأسرها، ويكفيه فخراً أنه حل سادساً بفارق بسيط عن أصحاب المراكز الخمسة الأولى، وعلى رأسهم البطل الجنوب أفريقي الذي في هذا السباق تحديداً حطم الرقم القياسي للأسطورة الأمريكية مايكل جونسون الصامد لـ16 عاماً، فلكم تخيل حجم التنافس العنيف في السباق. الأبطال يعرفون بعضهم بعضاً، ومن حسن حظنا اليوم بأن سطوع نجم علي خميس يأتي في وقت بطل بحريني آخر مطرز بالإنجازات في مجاله وهو سمو الشيخ ناصر رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة ورئيس اللجنة الأولمبية. أجزم هنا بأن سمو الشيخ ناصر سيكون أقوى الداعمين للبطل علي خميس، الحريصين على تطويره وتقويته وتحفيزه للفوز بالمكانة العالمية المتقدمة، وكذلك رئيس الاتحاد البحريني لألعاب القوى سمو الشيخ خالد بن حمد والذي رأينا قوته وصموده وإصراره، فهو بطل عسكري، قائد ميداني، و«قرش أبيض» قطع البحر بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية سباحة، وأسس منظمة للألعاب القتالية وساهم في إبراز نجوم بحرينيين أقوياء، إضافة لجهوده في ألعاب القوى. زمننا هذا لا بد أن نحرص فيه على أبطالنا، لا بد وأن نفهم الرياضة بأنها اليوم أسلوب حياة، ووسيلة إبراز للدول، وقبلها رسالة سلام، وأن الأبطال هم من يكتبون التاريخ. شكراً ناصر وخالد بن حمد، شكراً لعلي خميس، شكراً لجميع أبطال البحرين الحاليين ومن سبقهم من الرعيل الأول وأجيالهم المتلاحقة، شكراً لكم يا أبطال، أنتم من ترفعون اسم وعلم البحرين التي ستظل ذات مكانة عالية دوماً بإذن الله.