السياح الروس السياح الأوربيون السياح اليابانيون والصينيون وغيرهم من أمريكا وأمريكا اللاتينية وأستراليا، هدف بعيد عن خططنا السياحية، حصرنا تفكيرنا بمتطلبات السياحة الخليجية فحسب، وهي سياحة مطلوبة وحصتنا فيها قليلة ويجب أن تتسع، لم ننكر هذا الهدف، ووزارة التجارة تحاول أن تسد هذا النقص، إنما السياحة لا تقف عند كونها مورداً للدخل فحسب، فهناك أهداف أخرى توظف فيها السياحة لا يجب أن تحرم البحرين منها خاصة وأن لدينا مقوماتها، والأهم نحن بحاجة للأهداف الأخرى.فالبحرين بحاجة لأن تكون وجهة سياحية ثقافية أكثر من أي دولة خليجية أخرى، وأكثر من أي وقت مضى، البحرين تعرضت لتشويه سمعتها عالمياً من قبل شريحة من أبنائها جلبوا العار لها حتى أصبحت دولياً مرتبطة بصور مشوهة ارتبطت بها قسراً، بإمكان السياحة الثقافية أن تجعل البحرين مقصداً سياحياً يعرّف العالم بعمقها وبعدها الحضاري والتاريخي، إنها سياحة تغسل الدرن الذي علق بها بطعنات أدمت قلبها وحين طعنت في ظهرها.قلاعنا ومواقعنا الأثرية ومتاحفنا ومسرحنا بعروضه العالمية مورد وافر للاقتصاد مائة في المائة بإمكانه أن يدخل ذهباً، لكنهم وهذا هو الأهم وجه آخر للبحرين نريد أن نوظفه توظيفاً سياسياً، نحن نبحث عن سياح دوليين من كل مكان في العالم، هؤلاء ليسوا قوة شرائية فحسب، هؤلاء سفراؤنا للخارج، استقطابهم لتاريخنا لإرثنا لتراثنا الموسيقي والفني والمعماري والحضاري، استقطابهم لمعايشة الإنسان البحريني مرشداً وبائعاً وسائقاً وفناناً يجعل الآلاف منهم سنوياً سفراء مدافعين عن هذا البلد، فتلك المعايشة الحية داخل البحرين وذلك الاستمتاع والذكرى التي سيحملونها تغني من مليون شركة للعلاقات العامة نمنحهم الملايين وبلا فائدة.ملايين دفعناها لشركات للعلاقات العامة وملايين أخرى دفعناها لمراكز دراسات وأبحاث وملايين أخرى بعثرت هنا وهناك لتسويق البحرين ولم نحصد المقابل، إنما وبالمقابل بخل وتقتير على مواد مباشرة وسهلة وبين أيدينا لتحقيق ذات الغرض لا يفهم ولا يفسر على أقصر الطرق وأرخصها، إلا أنه منطق غير مفهوم بتاتاً.نحن أمام مفارقات غريبة جداً لم ترد على أحد، خبراء الثقافة والسياحة العالميون يبهرون من إمكانيات البحرين ومواردها الطبيعية التراثية والتاريخية الموجودة والتي لا تحتاج إلا لقدر يسير من التهيئة والإعداد، لكن دولة البحرين لا تعرف قدر هذه الموارد.هناك أجانب غير بحرينيين وهناك بحرينيون من القطاع الخاص يعرفون قدر البحرين وقيمتها الحضارية أكثر من الدولة، قدموا أكثر من 40 مليون دينار من أجل استكمال بنيتنا السياحية الثقافية، تبرعوا لنا بعد أن رأوا بخلنا وتقتيرنا وعدم تقديرنا لإرثنا. كانت ميزانية ترميم القلاع وتشغيلها تأتي في السابق من الـ3% التي فرضتها الدولة على الفنادق وهذه فكرة تحتسب للمرحوم طارق المؤيد استطاعت الثقافة وزارة كانت أم هيئة أن تستغني بها عن موازنة الدولة للترميم والتجديد وبناء المتاحف المصاحبة للقلاع «رغم أنها تدخل الخزينة ويعاد صرفها لهذا الغرض» إنما كان مصدرها ضريبة فندقية، الآن حرمت منها قلاعنا ومتاحفنا وتركت لتتحول إلى مخازن بعد أن منع عنها قسراً أي مورد، فأين يحدث مثل هذا الخنق والقتل للتاريخ والحضارة والسياحة والثقافة؟ختاماً؛ أشقاؤنا في الخليج مستعدون لشراء تاريخنا -وكثير منه نقل للعلم هناك- فإن كنتم لا تحتاجونه ليفتح المزاد!! هكذا ننتحر حضارياً وتاريخياً ومستقبلاً.
Opinion
تاريخنا للبيع فهل من مشترٍ؟
16 أغسطس 2016