كل ما قالوه، شفاهة وكتابة، وما فعلوه يوم الرابع عشر من أغسطس الحالي الذي هددوا بأن يكون يوماً غير عادي، لم يجنوا من ورائه أي فائدة. كل ما قالوه وما فعلوه يندرج تحت عنوان «فشة خلق»، وليس هذا هو ما تحتاجه البحرين في هذه المرحلة. التصريحات غير المسؤولة وغير المنضبطة للفضائيات «السوسة»، الإيرانية وتلك الممولة من إيران، والتغريدات المتجاوزة لحدود اللياقة والعادات والتقاليد والأعراف، والممارسات الخاطئة التي تسببت في تعطيل حياة الناس وإزعاجهم، وكل قول أو فعل قاموا به في ذلك اليوم، كلها لا قيمة لها ولا ينتج عنها سوى المزيد من تعقيد المشكلة. مشكلتنا لا تحل بتوجيه الشتائم والتطاول على رموز الوطن والمكاسب الوطنية، ولا بالصراخ، ولا بتوزيع الاتهامات يمنة ويسرة والمبالغة في تصوير الوضع، وهي لا تحل باختطاف الشوارع وإضرام النار في إطارات السيارات أو بالعودة إلى «ترزيز» أسياخ الحديد في الشوارع ووضع براميل القمامة فيها لمنع الناس من التوجه إلى أعمالهم وممارسة حياتهم اليومية، ولا بالمظاهرات محدودة العدد، ولا بالدخول في مواجهات مع رجال الأمن ورميهم بزجاجات المولوتوف الحارقة القاتلة، وبالتأكيد لا تحل بالاستعانة بـ«صديق» خصوصاً إن لم يكن يملك غير الكلام والوعود، ولا يجيد التحدث بالعربية. مشكلتنا تحل بالعقل ويحلها العقلاء وأصحاب الحكمة ومن قلبهم على هذا الوطن وتاريخه وحاضره ومستقبله، لذا فإن من يعتقد أن الحل يمكن أن يتوفر على أيدي ذلك البعض الذي يقدم الكلمة البذيئة وفعل التخريب على ما قد ينتجه العقل فالأكيد أنه مخطئ، ومن يعتقد أن الحل يمكن أن يأتي على يد من يفتقر إلى الخبرة ويعتمد الصراخ والفوضى لغة للتفاهم فالأكيد أنه مخطئ، ومن يعتقد أن الأجنبي -أياً كان- يستطيع أن يوفر الحل فالأكيد أنه مخطئ، تماماً مثلما أنه مخطئ من يعتقد أن العنف والعناد والتحدي يمكن أن يكون هو طريق الحل. كل ما تمت ممارسته في ذلك اليوم لا علاقة له بالنضال ولا يمكن أن يوصف بالعمل الوطني، يكفي أنه لم يراعِ حقوق الناس بل ضرب بحقوقهم عرض الحائط بتلك الممارسات والأقوال فتسبب في إرباكهم وتعطيل حياتهم. مشكلتنا لا تحل بالـ«هاشتاقات» التي تدخل في باب «فشة الخلق» وتبدأ وتنتهي بالشتائم وبنشر الصور المتجاوزة لحدود اللياقة، ولا تحل بالمشاركة في فضائية «العالم» الإيرانية ولا بـ«لعلعة» الذين فضلوا البقاء في الخارج والإساءة إلى الوطن، ولا بـ«التمسكن» في حضرة المنظمات الحقوقية الدولية التي لا تملك سوى البيانات الفارغة معدومة القيمة، ولا بإصدار البيانات مهما كانت قوية. مشكلتنا تحل في الداخل وبهدوء وبتحكيم العقل، والطريق إلى هذا يكون بإيجاد قناة اتصال بالحكم ينتج عنها ما يتطلبه الموقف من ثقة تؤدي إلى اتخاذ قرارات من شأنها أن تعيد الحياة إلى ما كانت عليه قبل أن يقرر ذلك البعض تنفيذ قفزته المجنونة في الهواء.الاستمرار في النهج الذي اعتمده أولئك يعني أن ما قيل هذا العام وما تمت ممارسته في هذه المناسبة سيتكرر في العام المقبل والأعوام التالية له، والاستمرار فيه يعني أن المشكلة ستزداد تعقيداً، ذلك أنه كلما توغلت المشكلة في الزمن كلما تعقدت وصار صعباً التوصل إلى حل يرضي الجميع. أيضاً فإن سكوت من يمكن أن يكون لهم دور في حل المشكلة، مؤسسات وأفراداً، يجعل أولئك يعتقدون أن الحل لا يأتي إلا من خلالهم، لذا فإن على الجميع أن يتحمل مسؤوليته تجاه الوطن ويبتعد عن السلبية التي تتيح لأولئك مزيداً من التحرك الفارغ.