يطرح هذا المقال فرضاً أساسياً أن الأمريكان سينتخبون هيلاري كلينتون مرشحة الحزب الديمقراطي الأمريكي وستكون الرئيس الأمريكي الخامس والأربعين، ولن ينتخبوا دونالد ترامب، المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري الأمريكي. ومن هذا المنطلق يحاول هذا المقال رصد أبرز العوامل المؤيدة لذلك على النحو التالي:أولاً: اليهود سينتخبون كلينتون، وبالتالي لن تكون أصواتهم لترامب. ولكن ما هي أسباب ذلك؟ أحد الإجابات على هذا السؤال تقول إن ترامب يرفض الاعتراف بوحدة القدس المحتلة بجناحيها الشرقي والغربي، ويدعم محادثات السلام التي ستؤدي إلى قيام دولتين هما إسرائيل وفلسطين. ومن ثم يعد معادياً لدولة إسرائيل. ثانياً: الصوت اليهودي في نيويورك وكاليفورنيا ونيوجرسي سيرجح كفة كلينتون على ترامب. فعلى الرغم من عدم توزيع السكان اليهود الأمريكيين بالتساوي بين الولايات، إلا أن نسبتهم في نيويورك وكاليفورنيا ونيوجرسي -على سبيل المثال- تزيد عن 3%، حيث يتواجدون بكثافة في المراكز المدنية من الولايات، هذه المراكز التي تعتبر أكثر المناطق أهمية من الناحية السياسية. فعلى سبيل المثال: مدينة نيويورك هي موطن أكثر من 90% من سكان الولاية من اليهود. لذلك نجد أن 12% من السكان المؤهلين للاقتراع في نيويورك هم من اليهود. كما أن نسبة الناخبين اليهود في كاليفورنيا تبلغ 3%، وترتفع إلى 6% في نيوجرسي. ثالثاً: سيكون لمنظمة إيباك «اللجنة الأمريكية – الإسرائيلية للشؤون العامة AIPAC» -والتي لا يحق لها قانونياً جمع التبرعات من أجل تمويل الحملات الانتخابية- والتي تقوم بتمويل الحملات الانتخابية عبر «لجان العمل السياسي PACS والتي تعد تلك اللجان أفضل أدوات الضغط والنفوذ للمجتمع اليهودي الأمريكي، كلمة الفصل في نجاح كلينتون.رابعاً: عقيدة ترامب وآلية تنفيذ سياسته الخارجية هي «القوة». فقد انتقد في خطابه للناخب الأمريكي عن برنامجه السياسي الخارجي الطريقة التي تدار بها المؤسسة العسكرية التي أدت إلى تراجع منسوب الاستعداد العسكري الأمريكي بشكل ملحوظ، وقال ساخراً: «جيشنا يضمحل بينما نطالب الجنرالات والقيادات العسكرية بالاهتمام بقضايا الانحباس الحراري!»، وأضاف «الاستثمار في إعادة بناء الجيش وتأمينه بأحدث المعدات التي عرفتها البشرية ستكون مهمتي حال وصولي للرئاسة، فقوة الجيش الأمريكي هي قضية وطنية فوق النقاش أو الجدل».خامساً: أن الصقور والمحافظون الجدد -الأكثر تأييداً لإسرائيل- يرفضون ترشحه عن الحزب الجمهوري. فقد وقع 50 مسؤولاً ودبلوماسياً سابقين في جهاز الأمن القومي تولوا مناصب في إدارات الرؤساء ريتشارد نيكسون ورونالد ريجان وجورج بوش الأب والابن، من بينهم السفير السابق في الأمم المتحدة جون نيغروبونتي والمدير السابق لـ»سي آي إيه» مايكل هايدن، والمدير السابق للبنك الدولي بوب زوليك، وكذلك بريان أندرسون الذي عمل مديراً لفريق وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس، وريتشارد فونتاين المستشار السابق لجون ماكين وميت رومني، وكان مضمون الرسالة التي نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، رفض التصويت لرجل الأعمال الشعبوي، ووصفوه بأنه «خطر على الأمن القومي الأمريكي، وسيكون في حال فوزه الرئيس الأكثر تهوراً في تاريخ الولايات المتحدة». وأكدوا في رسالتهم أن ترامب «ليس كفؤاً، ولا يحظى بالمزاج الذهني والمبادئ ليكون رئيساً». واعتبروا أن «إشادة ترامب بخصومنا وتهديده حلفاءنا وفهمه القليل لمصالح أمريكا وعدم قدرته على الإصغاء سيجعله الرئيس الأكثر تهوراً في التاريخ الأمريكي». وفي النهاية حاولت أن أطوف بالقراء الأعزاء بين الدعائم التي تؤيد وجهة النظر في فوز كلينتون على ترامب، وهي دعوة للعرب، لرسم البدائل للتعامل معها والاستفادة منها مبكراً.* كاتب وأكاديمي مصري