العطلة الصيفية متنفس للطلبة من كلا الجنسين للابتعاد عن أجواء الدراسة التي أصبحت تلتهم معظم أوقاتهم حتى ما بعد انتهاء وقت الدوام المدرسي الرسمي. هل تساءل المسؤولون لدينا عن قطاعات الشباب، وما هي خيارات شباب البحرين من الطلبة تحديداً في عطلتهم الصيفية؟! بالطبع نحن لا نتكلم عن فئة تسافر مع عائلاتها فور ما تبدأ العطلة، ولو أنه حتى هؤلاء يسافرون عدة أسابيع ثم يعودون لأرض الوطن، ولن نتكلم عن مجموعة أصبح «الشاليه» أو منزل العائلة مقر سكنها ومكان إقامة السهرات الشبابية وحفلات العشاء والشواء «الباربكيو» حتى نهاية العطلة المدرسية، أو فئة تقرر أن تسافر وتقيم في بيت أهلها في دول مجاورة وهناك تنخرط في أنشطة الشباب وأجواء عطلاتهم من رحلات البحر والحداق والمزارع والطعوس والقنص، نحن سنتكلم عن الشريحة الكبيرة من المجتمع البحريني التي تجد نفسها مضطرة للسفر أسبوعاً أو أسبوعين وبقية أيام الإجازة تبدد أمام شاشة التلفزيون والهاتف الذكي والتجول في المجمعات بلا هدف.الجيل الحالي بعيد عن اهتمامات ما كان يشغل الجيل السابق، جيل المجلات والمراسلة بالبريد الورقي والطوابع وقراءة الروايات الطويلة والكتب، هذا جيل «يتملل» بسرعة ولا يعجبه العجب ولا تحجمه غير شاشة هاتفه الذكي أو «الآيباد» وهو يبحر من خلاله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حتى الصحف أصبح يقرؤها من خلال حسابات «تويتر» و»الإنستغرام». الخطير في الموضوع عندما نشير إلى نقطة «تبديد وقت الإجازة عند شاشة الهاتف الذكي» وكم من العائلات تمنع «الآيباد والهاتف الذكي» عن أبنائها طيلة أيام المدرسة ثم تمنحه لهم في العطلة الصيفية، وهذا حق مشروع، ولكن ترك الطفل أو المراهق دون مراقبة كي يحصل على معلومة من الإنترنت جريمة ترتكب باسم فراغ العطلة الصيفية في حقهم دون إدراك، الهاتف الذكي الذي بيد الطلبة سلاح ذو حدين من الممكن أن يجرهم إلى عالم الخير أو عالم الشر، ولكم في انخراط الشباب في التنظيمات الإرهابية عن طريق الإنترنت خير مثال. فترة المراهقة التي تعد فترة الاستقلالية والاعتماد على الذات أيضاً هي فترة البحث عن الهوية الدينية والوطنية والفكرية والجنسية، هذه الفترة من أخطر المراحل على هوية الشباب فهي تصوغ انتماءاتهم وتشكلها عبر ما يلتقونه من أفكار ومبادئ شخصياتهم القادمة للمستقبل، لذا فمن شب على شيء شاب عليه، فترة المراهقة هي فترة التعصب والتشدد، فالمراهق عندما يجد نفسه ينتمي لكيان فكري أو سياسي أو وطني يتشدد ويتعصب أكثر ممن أوجدوه، فما بالكم عندما يجد نفسه في فراغ وبلا أنشطة وبرامج وبذات الوقت هذه الكيانات متوفرة أمامه على الإنترنت!العالم النفسي إريك اريكسون في إحدى نظرياته بعلم النفس حدد مرحلة «اضطراب الهوية» التي تمر بالمراهق من البلوغ وتمتد حتى سن العشرين والتي يعاني خلالها من صراع الهوية، ويبحث عن أن يكون إنساناً ذا معنى وفعالاً في مجتمعه، لذا فقد أكد على أهمية أن يوفر المجتمع له طقوساً تمكنه من منحه دوراً إيجابياً وتحمل المسؤولية وركزوا هنا «فتح قنوات الاتصال الاجتماعية معه»، وقد شدد على أنه لدى المراهق ما يدفعه دائماً لأن يؤدي دوراً معيناً في المجتمع أو في ثقافة فرعية لا تتسم بالتساهل في عملها وقد أسماه التكيف بالتعصب!المعتقدات التعصبية هي ما يميل لها المراهق عموماً، وهناك نوع آخر وهو ما يسمى بالانصهار، خاصة المراهقين الذين ينصهرون في الجماعات التي توفر لهم المزايا للإحساس بالهوية خاصة تلك التي تمنحهم التثقيف الديني والتنظيمات العسكرية أو جماعات مستقلة عن حاجات المجتمع «هل تذكركم كلمة مزايا بالمزايا التي تقدم للمراهقين لإدراجهم في التنظيمات الإرهابية باسم التثقيف الديني؟».يؤكد العالم إريكسون أن كثيراً من المراهقين يتورطون بالعادات السيئة كالإدمان على المخدرات أو الكحول أو نشاطات تخريبية أو بالانسحاب إلى الأوهام النفسية! إن الطاقة التي تتولد لدى المراهق خصوصاً في مسألة حاجته لأن يؤدي دوراً معيناً للإحساس بشعور بأنه فعلاً أصبح مستقلاً وبإمكانه تحمل المسؤولية لا بد من ضبطها من خلال توجيهه لكيانات وطنية تغرس فيه مفاهيم الوطنية والولاء وتعاليم الإسلام الصحيحة! إريكسون عندما شدد على أهمية فتح قنوات الاتصال الاجتماعية مع المراهق لربما ترجمت جدية كلامه اليوم ونحن نرى كيف أن المراهقين يؤدون أدواراً مؤثرة في ساحة مواقع التواصل الاجتماعي وكيف أننا نحن كمجتمعات ودول بحاجة فعلاً إلى أن نفتح مع المراهقين قنوات اتصال اجتماعية ونحملهم مسؤوليات حماية أوطانهم مثلاً والدفاع عنها من خلال أهداف إسلامية ووطنية فعالة لا هدامة، فترك الشباب ينخرط على مواقع التواصل الاجتماعي طيلة العطلة الصيفية مع كل ما تضمه من سموم فكرية ولتستغله في ذلك عصابات الإرهاب والاتجار بالبشر وغيرهم والتي تتسرب لهم من خلال المواقع، من المخاطر التي يجب أن نتحرك لمواجهتها وضبطها من باب الوقاية خير من العلاج! هناك حاجة ملحة أن تفعل المؤسسة العامة للشباب والرياضة، بمختلف مراكزها الشبابية في كافة محافظات البحرين، أنشطة وبرامج تبدأ مع العطلة الصيفية وتنتهي بانتهائها، والأهم أن تطرح برامج إلكترونية تحمل استراتيجيات وطنية طويلة المدى تغرس في عقول الشباب القيم والمبادئ، والأهم أن تكون هذه البرامج ذات الطابع الترفيهي التعليمي ومن خلال قنوات التواصل الاجتماعي الإلكتروني وأشبه بالإعلام الاجتماعي. * مقترح لمن يهمه الأمر: أسوة بيوم الشباب الدولي الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 أغسطس من كل عام نتمنى أن يكون هناك يوم للشباب البحريني، وأن يكون في تاريخ 14 أغسطس، وأن ينظم كل عام مهرجان شبابي بحريني يظهر قدرات وإمكانيات وإنجازات شبابنا.