هل يجوز للدولة أن تتبنى برنامجاً لإعداد الكوادر القيادية للمعارضة؟ بمعنى هل يجوز لها أن ترعى وتؤهل قيادات ليكونوا في المستقبل قادة لأحزاب سياسية مثلاً ومنهم من قد يكون ضمن حزب سياسي معارض؟!!!نعم يجوز في دول نامية ديمقراطياً كالبحرين حيث التخبط والعشوائية سمة من سمات نمونا الديمقراطي خلال السنوات الـ15 الماضية فإنه يجوز للدولة أن تعمل على إعداد الكوادر السياسية القيادية لأنها ستعد معارضين لحكوماتها لا معارضين لدولتها وهذا هو الفارق الذي نبحث عنه.الدولة التي لديها نظام ديمقراطي نيابي ويجيز دستورها وقوانينها تأسيس الأحزاب والترشح والانتخاب كالبحرين، هي دولة ستتعاطى شاءت أم أبت مع الأحزاب السياسية بأي شكل تخلقت هذه الأحزاب، وإن كانت الأحزاب «الجمعيات» الآن في أضعف حالاتها وهي التي منذ بداية تأسيسها خلقت من ضلع أعوج لتنظيمات ثورية سابقة، أو تأسست وهي تابعة لتنظيمات أجنبية أو تنظيمات دينية، استمرت في عملها المنحرف سياسياً طوال الـ15 سنة الماضية وأمعنت في ممارسات خاطئة وعززت الانقسام الطائفي.. إلخ، مما أدى إلى صدامها مع الدولة وانتهت كما هو حالها الآن منهكة ومفككة، فإنه عاجلاً أم آجلاً سيفرز المجتمع من جديد حاجته لوجود أحزاب سياسية تنوب عنه وتمثله في المجالس المنتخبة الفارغة من القيادات.ولن يطول هذا الوقت، فالفراغ في الساحة لا يعني أنه حال دائم ومستمر ومضمون، وما لم يملأ هذا الفراغ «بقياداتها السياسية» فإن العشوائية الموجودة على الساحة هي أخطر علينا من تنظيمات سابقة انحرفت وجرت معها البلاد حتى كادت أن تسقط في الهاوية.أن تعد قيادات سياسية لا يعني تهجينها و«تخطيمها» ولا يعني أن تكون وراء خطها السياسي المستقبلي موجهاً ومسيراً، إنما الهدف هو تأهيل مجموعات شبابية بالثقافة السياسية والوعي السياسي والقانوني وتدريبهم على التنظيم والمهارات القيادية. الهدف، هو خلق قيادات تعمل ضمن الأطر الدستورية عملاً سياسياً واعياً بأن دور «المعارضة» هو دور أساسي مشروع لأنها شريك في إدارة الدولة، وليس كما هو الحال رأس حربة لإسقاط هذه الدولة.شبابنا اليوم إما جرته الجمعيات الدينية أو جرته التنظيمات الخارجية أو كفر بالسياسة وبأمها وأبيها، وانزوى لا يريد أن ينخرط بالعمل العام ما لم يكن نشاطاً خيرياً، ولو كنت دولة أجنبية أستهدف مملكة البحرين بشر، لما وجدت أفضل من هذه البيئة وهذا الفراغ لأستقطب من أراهم مناسبين لخدمة أجندتي وأراهم متململين يبحثون لهم عن دور من الصفوف الثانية الشبابية، وسأبحث عنهم في الأقبية في المواقع الإلكترونية لا يشاركون ولا ينخرطون في النشاط العام، لأعدهم كي يتقدموا الصفوف بعد خمس سنوات! لنرى فجأة ودون سابق إنذار وجوهاً جديدة لم تخرج للعلن من قبل، إنما تم إعدادها وتأهيلها بصمت، لتتحدث بطلاقة وتعرف كيف تجادل وتحاور ويدفع بها لمواجهة الإعلام وتتقدم الصفوف لقيادة الشباب في الأندية وفي المراكز، نجوم على وسائل التواصل الاجتماعي وتم تشبيكها من جديد من التنظيمات الدولية، ثم تترك لتنطلق وتجد لها منفذاً لقلوب الشباب وخلال سنوات معدودة ستجد هذه الوجوه تتقدم لتأسيس جمعية سياسية.. سؤال ألا يذكركم هذا السيناريو بوجوه الصف الثاني التي ظهرت فجأة في جمعية سياسية منحلة؟!! لم يجوز «الإعداد» لجماعات تسعى لإسقاط الدولة، أو يجوز لدول أجنبية ولا يجوز للدولة الوطنية؟التعاطي مع الحالة الديمقراطية لا يقتصر على تفكيك الأحزاب السياسية، أو الدفع بتأسيس أحزاب لا قاعدة لها، بل للتعاطي أوجه أخرى أكثر ديمومة وأقل كلفة لكنه تعاطٍ يساعد الدولة على الاستقرار دون اضطرابات والعمل السياسي الاحترافي الراقي المراقب لأداء الحكومات دون الحاجة للتصادم الأمني معها، وهذا هو المطلوب.كما أن إعداد القيادات لا يكون سلق بيض، تأسيس الأحزاب لا يكون بشخصيات يتم إسقاطها على الوسط السياسي ببراشوت، الدولة بحاجة أن تنزل للقاع أن تعمل مع القاعدة الشبابية منذ المرحلة الثانوية ومروراً بالمرحلة الجامعية أو غيرها «معاهد وكليات...» تخلق وعياً سياسياً عاماً وتنتقي من تراه مؤهلاً ليتولى القيادة، وتساعده على خلق قاعدته الشبابية، ومن بعد ذلك حتى وإن أسست تلك القيادات حزباً سياسياً معارضاً فإنه سيكون معارضاً للحكومة لا للدولة وهو المطلوب إثباته.