الفارق بيننا كصحافيين وإعلاميين بحرينيين وبين الصحافيين والإعلاميين الإيرانيين وأولئك المحسوبين على إيران من الذين يتخذونها نموذجاً ومثالاً للحريات، الفارق هو أننا نستطيع أن ننتقد حكومتنا بشكل غير مباشر ومباشر، بينما لا يستطيع أولئك انتقاد حكومة الملالي ولو بكلمة واحدة، ليس لأنهم يعتقدون أنها حكومة لا يمكن أن يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها فقط ولكن لأنهم يعلمون جيداً أنهم لو فعلوا لصاروا وراء الشمس في غمضة عين.هذا فارق يؤكده الواقع، ولهذا لم يسمع أحد عن انتقاد الصحافيين الإيرانيين وخصوصاً المحسوبين منهم على النظام الإيراني أو أولئك المهووسين بإيران من ذلك البعض للسماح لروسيا استخدام قاعدة همدان الجوية ولو بكلمة واحدة، بل على العكس وفروا كل المبررات لذلك الفعل القبيح رغم أنهم يعلمون مسبقاً أن نتيجته قتل الأبرياء في سوريا، تماماً مثلما يوفرون دائماً كل ما يلزم من مبررات لأي فعل قبيح تقوم به تلك الحكومة وذلك النظام.نعم ، هناك أمور يصعب تناولها أو يمنع تناولها بالنقد في فترة معينة، لأسباب معينة، لكنها لا تظل ممنوعة إلى الأبد. هذا في البحرين، أما في إيران فالممنوع ممنوع إلى قيام الساعة، ومن يتجرأ يتجرع كأس السم المعدة له سلفاً، وهو ما تؤكده الأخبار الآتية من السجون في إيران والتي تمتلىء بالكثيرين ممن ظنوا في لحظة أن ما يسمعونه عن الحريات وحقوق الصحافيين والإعلاميين من حكومة الملالي حقيقة وليس لزوم الدعاية.نحن في البحرين نجرؤ أن نقول لحكومتنا إن هذا الأمر أو ذاك غير صحيح أو مبالغ فيه أو غير مناسب لعلاج هذه المشكلة أو تلك، ونجرؤ على القول إن هذا خطأ وذاك خطأ، فهل يجرؤ الصحافيون والإعلاميون في إيران على قول ذلك لحكومة تعتبر نفسها فوق النقد ولنظام أشاع أن مرشده ظل الله على الأرض؟ وهل يجرؤ أولئك المهووسون بالتجربة الإيرانية الفاشلة والذين يبحثون عن الأخطاء الصغيرة في «وطنهم» على الحديث – وليس انتقاداً – عن جرائم كبيرة يرتكبها النظام الإيراني في حق شعبه وخصوصاً في الأحواز وضد «مجاهدي خلق» وكل من لا يعجبه؟ هل يستطيعون أن يقولوا لإيران ما ينبغي أن يقال وهم يرونها تقتل الأبرياء في سوريا والعراق وفي كل مكان؟لا الصحافيون والإعلاميون الإيرانيون يستطيعون قول ذلك أو غيره، ولا المهووسون بالنظام الإيراني الذين يعتبرون الولاء له والدفاع عنه أول الطريق إلى الجنة، ومن يقول منهم إنه يستطيع فالأكيد أنه يكذب لأنه بالفعل لا يستطيع، وإن استطاع وفعل صار جزءاً من الذكريات.في البحرين يدعو رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة الصحافيين إلى انتقاد كل شيء ويقول لهم في كل مجلس إنكم عيوننا وراصدو الأخطاء، وقد حدث مرات كثيرة أن عطل سموه قرارات اتخذت أو استبدل قرارات اتخذت بقرارات أخرى بعد انتقاد الصحافيين والإعلاميين لها وتبينه وجوه القصور فيها. أما في إيران فلا عيون غير عيون الحكومة، ولا رأي بعد رأي الحكومة، ومن يجرؤ من الصحافيين أن يبدي رأياً في موضوع ما يصير هو موضوع الحديث والخبر.ليس في هذا ادعاء ولكنه الواقع الذي يتوفر لإثباته الكثير من الأدلة والبراهين، والواقع يؤكد أيضاً أن الصحافيين والإعلاميين التابعين للنظام الإيراني أرغموا على الاعتقاد أن الخطأ يأتي من كل العالم باستثناء حكومة الملالي وأنه لهذا لا يجوز انتقادها، والواقع يؤكد أيضاً أن المهووسين بالنظام الإيراني وبحكومة الملالي وبالتجربة الإيرانية الفاشلة يغضون النظر عن كل أخطاء إيران بل ويبررونها وإن كانت قتلاً وظلماً وعدواناً.