الرأي

الخطأ الذي سينهي «المعارضة»

قطرة وقت




«اشتدي أزمة تنفرجي» هذه العبارة هي الشطر الأول من البيت الأول في قصيدة «المنفرجة» لابن النحوي «أبو الفضل يوسف المعروف بابن النحوي القيرواني التوزري»، جرت مثلاً وهي توفر أملاً لكل من شعر في لحظة أن الصعب لن يزول، وهي أيضاً تعبير صادق للآية الكريمة «إن مع العسر يسرا» في سورة الشرح، فليس بعد العسر غير اليسر، والأزمة، أي أزمة، مهما طالت فلا بد أن تنفرج، ذلك أن الظروف تتغير، وتتغير المعطيات.
من هنا فإن الأكيد هو أن الأزمة التي نعيشها منذ خمس سنوات ونيف سيكون لها نهاية، مثلما كان لها بداية، وما جرى خلال هذه السنوات لا بد أن يعجل بذلك وإن كان صعباً بل مستحيلاً حصول كل الأطراف على كل ما يريدونه منها، وكان صعباً توفر الحل على مقاس معين.
لكن الأمر الذي لابد من إدراكه هو أن النهاية لن تأتي هكذا من دون مقدمات ومن دون ظروف تتشارك كل الأطراف ذات العلاقة في تهيئتها، فالأمر هنا يختلف عن المباريات الرياضية التي تنتهي في وقت محدد متفق عليه سلفاً وبإطلاق الحكم لصفارة النهاية. الصفارة هنا تطلق بعد التوصل إلى تفاهمات واضحة يوقع عليها كل ذوي العلاقة الذين عليهم الاجتهاد وبذل كثير من الجهد للوصول إلى تلك اللحظة.
ما ينبغي إدراكه أيضاً هو أن دخول غير ذوي العلاقة على الخط لا يمكن أن يوصل إلى تلك اللحظة، فغير ذوي العلاقة لا يهمهم إن طالت الأزمة، بل أنهم يعملون على إطالتها، ففي ذلك تكمن مصلحتهم، وهو ما يمكن تبينه بوضوح في النهج الذي تتبعه فضائية «العالم» الإيرانية المستمرة في عملية الشحن والتحريض والتأليب ضد الحكومة، وفي حرف المطالب إلى اعتبارها مطالب تخص الشيعة، ليس كل الشيعة ولكن الشيعة من «الأصيلين» دون غيرهم، حسب تعبيرها وتعبير بعض المشاركين في برنامجها التحريضي، من دون أن يدركوا أن هذا الحرف من شأنه أن يقلل من شأن الحراك لأنه يبدو في مثل هذه الحالة خاصاً بفئة صغيرة وليس بجميع المواطنين أو حتى جميع الشيعة.
هذا الأمر يفترض أن تنتبه له «المعارضة» على اختلافها لأنه ليس في صالحها، إذ كيف للمواطن البحريني أن يقف إلى جانبها وهو يرى تحولها إلى معارضة شيعية بحتة، وكيف للشيعي «غير الأصيل»، حسب تعبيرهم، أن يقف معها وهي تعلن عن تهميشه وتعتبره غير أصيل وتقول له بوقاحة إنها تميز بينه وبين الآخر وإن كان شيعياً مثله وناشطاً وعاملاً أو متعاطفاً ومؤيداً.
هذا مطب كان ينبغي أن تنتبه له «المعارضة» جيداً كي لا تقع فيه وتتسبب في إضعاف نفسها، ولولا أن لإيران مصلحة في هذا الأمر لما أوعزت لفضائياتها للتركيز عليه، ذلك أنه من غير المعقول ألا تكون منتبهة لمثل هذا الأمر.
بناء عليه، لو افترضنا أن الشيعة في البحرين اليوم يشكلون خمسين في المائة من الشعب فهذا يعني أن ما يجري يعبر عن نصف الشعب وليس كله، ولو افترضنا أن الشيعة «غير الأصيلين» يشكلون نصف الشيعة فهذا يعني أن الشيعة «الأصيلين» يشكلون بالكثير ربع الشعب، فإذا تم حذف من لا يؤمن منهم بما يجري ويتخذ موقفاً من هذا الذي يراد بالبحرين فإن هذا يعني أن الذين يقومون بكل هذا لا يزيدون على عشرة في المائة أو حتى أقل من الشعب، الأمر الذي لا يعين حتى غير العاقل على القول إن ما يحدث «ثورة».
لعل هذا الخطأ يعجل بانفراج الأزمة.