مفهوم الدول الهشة تطور بعد أن كان منتشراً مفهوم الدول الفاشلة، وفي كلتا الحالتين فإنهما تعبير يطلق من حرف «F» باللغة الإنجليزية ويعكس قوة الدولة ومستواها دولياً عبر تقييم ثلاثي يشمل المؤشرات الاجتماعية، والمؤشرات الاقتصادية، والمؤشرات السياسية.آخر تقييم لمؤشر الدول الهشة الذي أعلن للعام 2016 كشف بأن من بين الدول العشرين الأكثر هشاشة على مستوى العالم بينها 5 دول عربية هشة، وهي العراق، وسوريا، والسودان، واليمن، والصومال. ومن يتابع هذا المؤشر من العام 2005 إلى الآن سيكتشف تزايد عدد الدول العربية في هذا المؤشر تدريجياً، ويبدو أن هناك دولاً عربية أخرى ستنضم إلى قائمة الدول الهشة، حتى لبنان معرّضة للعودة لهذا المؤشر بعد أن كانت تصنف فيه في العام 2008، ولكنها تمكنت من الخروج منه في العام الذي يليه.هل تتحول الدول العربية خلال السنوات الخمس المقبلة إلى دول هشة، وبالتالي نشهد منطقة هشة عريضة في الشرق الأوسط؟ وما مستقبل الدول العربية الهشة؟المؤشرات الحالية، تشير إلى ذلك، فجميع عوامل الدول الهشة قائمة وتتزايد على معظم الدول العربية سواءً كانت مستقرة أو غير مستقرة، تشهد صراعات دامية، أم لا تشهد.المؤشرات الاجتماعية للدول الهشة تشمل الضغوط الديموغرافية، والحركة الكبيرة للاجئين، والانتقام، إضافة إلى هجرة الأدمغة. وجميعها موجودة في الدول بشكل أو بآخر في جميع الدول العربية. أما المؤشرات الاقتصادية فتشمل التنمية الاقتصادية غير المتوازنة، والتدهور الاقتصادي. ويمكن ملاحظة ذلك في الدول العربية مع تراجع أسعار النفط التي تعتمد عليها الدول العربية المستقرة على الأقل.فيما يتعلق بالمؤشرات السياسية، فإن هناك تفاوتاً عربياً لافتاً فيها، وهو ما يكشف التباين في الأنظمة السياسية والتحولات التي تعيشها حالياً. فهذه المؤشرات تشمل: إلغاء شرعية الدولة «كمحاولات إسقاط النظام»، وتراجع الخدمات العامة تدريجياً، إضافة إلى تزايد انتهاكات حقوق الإنسان، وتزايد نفوذ الأجهزة الأمنية، وصعود النخب المنقسمة إلى قمة النظام، وأيضاً تزايد التدخلات الأجنبية في شؤون الدولة.جميع المؤشرات السياسية موجودة في الدول العربية، ولكنها تتفاوت من بلد لآخر لتحدد المسارات المستقبلية لهذه الدول، بين دول بالفعل هشة الآن، ودول ستتحول إلى هشة قريباً، ودول تقاوم الهشاشة.هذه المقدمة مهمة لفهم مستقبل الدول العربية الهشة، وأبعاد هذه الظاهرة التي باتت واقعاً لازماً لعرب الآن، ولأجيال العرب في المستقبل... للحديث بقية.