من يقول إن عمل الحكومة خالٍ من الأخطاء لا يقول الحقيقة، ولكن من يقول إن عمل الحكومة كله أخطاء لا يقول الحقيقة أيضاً. الحكومة كأي فريق عمل تعمل وتخطئ، لكنها تحقق أيضاً نجاحات لا يمكن إنكارها. بناء على هذه القاعدة يمكن القول أيضاً إن من يقول إن الحكومة نجحت في كل شيء يكذب، ومن يقول إن الحكومة لم تنجح في أي شيء يكذب أيضاً. ولأن هذه الحكومة ليست حكومة ملائكة لذا فإن من الطبيعي أن تخطئ، لكن لا يمكن أن يكون كل عملها خطأ، والموضوعي هو من إن انتقد الحكومة وأشار إلى أخطائها يشير أيضاً إلى نجاحاتها وإنجازاتها وإلا لا يكون موضوعياً. مشكلة من يعتبرون أنفسهم معارضة هي أنهم لا يشيرون لا من قريب ولا من بعيد إلى نجاحات الحكومة وإنجازاتها ويهتمون بنشر فكرة أن الحكومة لم تحقق أي نجاح وليس لها أي إنجازات، ومشكلتهم أنهم يتصيدون الأخطاء الصغيرة ويصنعون منها قصصاً وروايات، من يقرأها أو يسمعها يعتقد أن الحكومة مقصرة وظالمة، وتستحق كل كلام سيء يقال عنها.واقع الحال يؤكد أن للحكومة هنا إنجازات كثيرة وكبيرة، والموضوعية تحتم إبراز إنجازاتها وعدم الاكتفاء بإبراز الأخطاء التي هي في كل الأحوال قليلة، ولا يمكن أن تقارن بالإنجازات. التنبيه إلى الأخطاء أمر مهم ومطلوب فبهذا نرتقي ويرتقي العمل ويتحقق الإنجاز، لكن الإشارة إلى الإنجازات والنجاحات أمر مهم أيضا ومطلوب وإلا نكون قد ظلمنا الحكومة.لولا الخطأ لما عرف الصواب، ولولا القصور لما عرف الكمال، والحكومة لا تدعي الكمال ولا عدم التقصير وحدوث الأخطاء، ولكن من حقها على كل من يتقدم لانتقادها أن يثني على إنجازاتها أيضاً وألا يكتفي بالتركيز على الأخطاء. في السنوات الخمس الماضيات تحديداً وقعت الحكومة في مجموعة من الأخطاء، وهذا أمر طبيعي، مبرره هو أن البلاد مرت بظروف غير طبيعية استوجبت اتخاذ قرارات سريعة وغير عادية وتطلبت خبرات لم تكن متوفرة بسبب أن البحرين بلاد ظلت على الدوام هادئة وواحة أمن، والاستقرار كان أبرز صفاتها ولم تتوقع أبداً أن ينبري من أبنائها من يمكن أن يشارك في الإساءة إليها، لكن السنوات الخمس نفسها شهدت العديد من الإنجازات التي لا يمكن لأحد أن ينكرها سواء في المجال الحقوقي أو في مجال الخدمات التي يستفيد منها المواطن مباشرة، وليس توزيع الوحدات السكنية والخدمات المتنوعة التي قدمتها وزارة الإسكان أخيراً وأسفرت عن حل مشكلات كثير من المواطنين فيما يخص السكن إلا مثالاً يؤكد هذا الأمر، وليست المؤسسات ذات العلاقة بحقوق الإنسان التي تم تأسيسها وأتاحت الفرصة لكل فرد التظلم إلا مثالاً يؤكد هذا الأمر أيضاً. المتابع للفضائيات «السوسة»، الإيرانية وتلك الممولة من إيران في كل مكان، يلاحظ أن المتحدثين من خلالها لا يشيرون أبداً إلى إي إنجاز من إنجازات الحكومة، ويعتبرون ذلك أمراً عادياً لا يستحق التحدث عنه والثناء عليه، لكنهم «يردحون» على أي خطأ ترتكبه الحكومة أو قول يعتبرونه هم خطأ أو تقصيراً أو تجاوزاً. هذه إشكالية كبيرة تقع فيها «المعارضة»، وكان ينبغي من الجمعيات السياسية بشكل خاص أن تنبه إلى هذا الخطأ وتبين لكل من هو معها أو يسعى إلى مشاركتها دورها أنه كما أن من حق المواطن انتقاد الحكومة والإشارة إلى الأخطاء والتنبيه إليها فإن من حق الحكومة أن يشار إلى إنجازاتها بل يشاد بها لأن ذلك يصب في صالح المواطن. لا يمكن إنكار الأخطاء وحتى التقصير، لكن ليس من الموضوعية إنكار المنجزات.