«أن تضع مصلحة البحرين فوق كل اعتبار» هو ما تريده الدولة من كل مواطن وإلا انتفت عنه هذه الصفة، وهو ما تفعله الحكومة بطبيعة الحال، وما يفترض أن يسعى إليه كل مواطن بحريني، بغض النظر عن كل شيء، وهو الطريق الذي لو اختار ذلك البعض السير فيه لسهل الوصول إلى النقطة التي يمكن الانطلاق منها للتوصل إلى تفاهمات ترضي كل الأطراف ذات العلاقة. مشكلة ذلك البعض الذي يعتبر نفسه «معارضة» هي أنه يضع اعتبارات أخرى فوق مصلحة البحرين وإن رفع شعارات وطنية وقال إنه يسعى إلى خير الوطن والمواطن، أو كانت نيته كذلك، فمن يضع مصلحة البحرين فوق كل اعتبار لا يمكن منطقاً أن يفعل كل هذا الذي يفعله في الشوارع ولا يمكن أن يقول كل هذا الذي يقوله عن البحرين من كلام ناقص عبر الفضائيات «السوسة». تلك الممارسات والأقوال لا يمكن أن تصدر عمن يضع مصلحة البحرين فوق كل اعتبار. من حق المواطنين أن يسعوا إلى الأفضل وأن يطالبوا بما يؤدي إلى تحسين معيشتهم وتطوير حياتهم وأن يطالبوا بما يضمنون به مستقبل عيالهم، فهم مواطنون ولهم حق على الدولة ومن واجب الحكومة أن تعينهم على بلوغ هذا الأمر وتوفر لهم الخدمات وكل ما يسهل لهم ذلك. كما أن من حقهم كمواطنين أن يعبروا عن أنفسهم وعن مطالبهم، ولكن ليس بالطريقة التي تؤذي الوطن وتتسبب في إرباك الحياة، فهناك الدستور الذي هو عقد بين الحاكم والمحكوم والذي لا يمكن تجاوزه، وهناك القانون الذي ينظم كل هذه الأمور، عدا أن من حق الوطن عليهم أن يضعوا مصلحته فوق كل مصلحة. الالتزام بهذا العنوان من شأنه أن يزيل الكثير من العقبات التي تؤخر التوصل إلى نهاية للأزمة التي يعاني منها اليوم الجميع، فعندما يكون الوطن أولاً فإنه لا يهم أبداً من أو ما الذي سيكون ثانياً وثالثاً وعاشراً. هذه إشكالية مهمة لو تم الاتفاق عليها واعتمادها لانتهى كل ما يعكر الصفو ولعادت الأمور إلى ما كانت عليه وأفضل.المؤسف أن ما يقوم به ذلك البعض لا يعبر عن هذا العنوان بدليل أنه لا يتردد عن قول كل ما يسيء للبحرين عبر الفضائيات «السوسة»، ولايزال مستمراً في عمليات التخريب والفوضى التي اعتبرها حقاً ومن الأعمال السلمية.عندما يضع المواطن البحريني مصلحة البحرين فوق كل اعتبار ويقدمها على كل مصلحة له أو لأهله أو لفئته تنتهي جل المشكلات وربما كلها، وعندما يعمل المواطن البحريني من منطلق أن «البحرين أولاً» فإن كل ما عدا هذا يبدو سهلاً يسيراً. لا يمكن للمواطن البحريني أن يفرط في أي شيء يخص البحرين، وليس مقبولاً منه أن يجرح البحرين ولو بكلمة. شعوب كثيرة، في أنظمة عديدة، تختلف مع حكوماتها وتنتقدها وقد تصل في بعض الأحيان إلى حد المواجهة معها، لكن كل تلك الشعوب تظل تقدم مصلحة بلادها على مصلحتها وتضعها فوق كل اعتبار، فالمشكلات في كل الأحوال يمكن حلها، والخلافات بين الشعب أو فئة منه والحكومة يمكن أن تنتهي بتفاهم معين، لكن وضع الشعب المصلحة الشخصية أو الحزبية فوق مصلحة الوطن يسيء إليه وإلى حراكه ومطالبه. العمل من منطلق أن مصلحة البحرين فوق كل اعتبار من شأنه أن يوسع من المساحة التي تلتقي فيها كل الأطراف ذات العلاقة وأن يحل الكثير من الأمور المختلف بشأنها، بينما العمل من منطلق أن مصلحة فئة بعينها فوق كل اعتبار يضيق من تلك المساحة كثيراً ويعقد الأمور.