أكثر من سبعين يوماً وصحيفة «الولي الفقيه» تكتب عن «معاناة» أهل منطقة لا تزيد مساحتها على 3 كيلومترات مربعة من «الإجراءات الأمنية» دون التطرق إلى أسباب تلك الإجراءات الأمنية بحرف واحد، ملخصة معاناة أهل المنطقة في تلك الإجراءات لأنها تحصر معاناة أهل الدراز في إزالة الحواجز الأمنية التي ستنهي عزلة تلك القرية، ولم تفكر في أن الحصار تجاوز حواجز رجال الأمن، لطوق أكبر وحوائط وسواتر أعلى من سواتر الأمن فرضته جماعة الولي الفقيه على القرية ومنعت أهلها من الانفتاح على الوطن.الحل يكمن في دمج الدراز مع بقية مناطق البحرين لتذوب مع بقية شركائها في بوتقة وطنية جامعة يظللها دستور واحد وعقد اجتماعي واحد. مشكلة الدراز ليست في الحواجز الأمنية، تلك الجماعة بنت حواجز وسواتر بينها وبين بقية أهل البحرين بناها من قسم أهلها بين معسكر حسيني وبقية مخالفيه في معسكر يزيدي، إن الحواجز والسواتر ونقاط التفتيش للفقيه عزلت تلك الجماعة قبل أن تعزلها سواتر أجهزة الأمن.الصحيفة التي تدعي «الليبرالية» فكراً وترسم صورة المنخرط في الحياة الأوروبية مظهراً هي أول السواتر والحواجز وأشدها مكراً.صحيفة يفترض فيها أن تقوم بدورها في مزج وذوبان أهل الدراز مع بقية الشعب البحريني لهم ما لغيرهم وعليهم ما على غيرهم، تصور الإجراءات الأمنية البحرينية على أنها «عقاب جماعي» إن طبقت على الدراز، وأنها «تعسفية» وأنها «خنق» وأنها «حصار» لأنها تمت على يد أجهزة الأمن في مملكة البحرين، لكن نفس الصحيفة وذات اليوم تنظر إلى فك نظام الأسد الحصار الذي قتل آلاف الأطفال بالبراميل المتفجرة وبالفوسفور وبقنابل النابالم عن قرية داريا السورية على أنها «مبادرات سلام رومانسية» قام بها «الجيش النظامي» السوري وأنه من الظلم ألا يتطرق إليها الإعلام العربي؟ يا الله أي ميزان هذا؟ أين يصرف هذا المكيال؟ أي معيار يرى في فك حصار منع الغذاء والدواء عن قرية بأكملها ونجم عنه مقتل آلاف وتدمير البيوت في أحياء سكنية سقطت على رؤوس قاطنيها ودكت بالأرض على أطفالها يصوره مكيال هذه الصحيفة في مقالات أحد كتابها على أنه «مبادرة رومانسية»!! ويصور إجراءات تفتيش على مداخل ومخارج القرية البحرينية على أنها حصار ومعاناة واختناق رغم أن ما ينجم عنه تأخير فقط في وقت الوصول للبيت والمدرسة آمنين سالمين؟!!حصار الدراز ليس في الإجراءات الأمنية، حصارها في هذه الجماعة التي تفرضه عليها دينياً وثقافياً وإعلامياً، تطفئ فيه الضوء عن نصف الحقيقة، تعتم على الأسباب، تجعل من الضوابط قمعاً وتجعل من القتل إن نفذه أحد من جماعتها جهاداً ومبادرات رومانسية، تسكت عن الحق وتصمت عن الخطأ، ذلك ميلان في العقل والمنطق، إنه ميلان يحيل الرؤية إلى العدم، ظلمة حالكة وحصار خانق يمنع أن تمتد يد درازية إلى الدولة والعكس، هكذا تختنق الدراز بفكر كهذا بخطاب كهذا بإعلام كهذا، حصار الدراز الداخلي صعب وتبعاته أكثر صعوبة على الأجيال القادمة، وإزالة السواتر «الداخلية» التي بنتها هذه الجماعة أشد صعوبة، إنها إزالتها هي التي ستسقط تلقائياً السواتر التي وضعتها «وزارة الداخلية».