الحقيقة التي لا بد أن يتفق عليها الجميع هي أن الاستمرار في مرحلة «فلان قال وفلان فعل» والانشغال بالتعليق على هذا القول وذاك الفعل ومحاكمة النوايا لن يوصلنا إلى نهاية لمشكلتنا بل سيزيدها تعقيداً ويعرض وطننا إلى المزيد من الأخطار خصوصاً في ظل التطورات غير العادية والمتسارعة التي تشهدها المنطقة وتنذر بشر مستطير. والحال نفسه لو استمررنا في اتخاذ الخطوات بناء على ردود الأفعال وواصلنا العناد وتحدي بعضنا البعض وإصرار كل طرف من الأطراف ذات العلاقة على رأيه وموقفه. مشكلتنا تحل بإرادتنا وعزمنا وتصميمنا على حلها. الكلام الكثير لن يحلها، ولن يحلها الفعل الناقص ولا ردود الأفعال والعناد ولا تعليق الآمال على الخارج، ذلك أن كل هذا لا يندرج تحت عنوان العقل الذي لا يمكننا حل مشكلتنا من دونه. بعد كل هذا الذي جرى في السنوات الخمس الأخيرة لا بد أن نكون قد توصلنا إلى مثل هذه القناعة، ولا بد من ثم اتخاذ قرار جريء بتجاوز هذه المرحلة والدخول معاً في مرحلة العمل، واضعين نصب أعيننا هذا الوطن الذي لا يستحق شيئاً من هذا الذي جرى عليه وكان يمكن وضع حد له مبكراً. لنتفق الآن على أن الكل أخطأ، وليبرر كل منا للآخر ما وقع فيه من أخطاء وتجاوزات ويوجد له العذر، ولنتفق على أن حدوث الأخطاء في مثل تلك الظروف التي مرت بها البلاد أمر طبيعي خصوصاً وأننا لم نمر من قبل بمثلها، فهي حالة جديدة بالنسبة لنا جميعاً، ولنكن أيضاً جميعاً على استعداد لطي صفحة الماضي وبدء صفحة جديدة، وبالطبع لنتفق قبل كل هذا على أهمية تجاوز المرحلة التي كثر فيها الكلام وكثرت فيها الأفعال التي لا تليق بوطن له امتداد في التاريخ وعطاؤه في مسيرة الحضارة الإنسانية يشهد به الجميع وهو مدون في السجلات، فما نحن فيه اليوم لا يليق بشعب البحرين الذي يتعامل معه العالم أجمع على أنه شعب متعلم مثقف وواعٍ. كثير من الكلام يمكن التوقف عن إرساله، وكثير من الأفعال يمكن التوقف عن ممارستها، وكل هذا لن يكلفنا شيئاً، وكأن ما نقوم به ليس إلا ضغطة زر. كل ما نحتاجه هو اتخاذ قرار بالتوقف عن التصريحات السالبة وعن المهاترات والتعليقات التي لا يمكن للآخر السكوت عنها وتستوجب ردة فعل، وكل ما نحتاجه هو التوقف عن الأعمال التي لم توصلنا من قبل إلى مفيد ولن توصلنا اليوم ولا غداً إلى ما يعيننا على الخروج من مشكلتنا. الإفلات من مرحلة «قالوا ونقول ويقولون» والممارسات السالبة والفعل ورد الفعل هو السبيل للدخول في المرحلة الجديدة التي لا بد من الدخول فيها وإلا بقي الحال على ما هو عليه وازدادت مشكلتنا تعقيداً وصار صعباً حتى اقترابها من الحل. ولكن كيف يمكننا الإفلات من هذه المرحلة والدخول في المرحلة التالية؟ بالتأكيد ليس مهماً من الذي ينبغي أن يبدأ بالخطوة الأولى لعملية الخروج من هذه المرحلة حيث الأهم هو البدء بخطوة عملية تتيح الانتقال إلى المرحلة التالية والمفيدة، الأهم هو الاتفاق على كيفية الخروج من المرحلة التي نحن فيها الآن إلى المرحلة الأخرى التي من شأنها أن تقودنا إلى النهاية السعيدة. الأفكار في هذا الخصوص كثيرة، والمؤهلون من شعب البحرين ليعينوا على مثل هذا الانتقال كثر وبينهم من يحظى بثقة كافة الأطراف ذات العلاقة، وليس علينا سوى الانتقاء منهم وتسليمهم إدارة هذا الملف ليبدؤوا على الفور في هذه المهمة التي لا بد أن ينتج عنها ما فيه خير لهذا الوطن.