في ظل المعطيات التي تشهدها المنطقة وما ستتمخض عنه من أحداث مستقبلية قريبة ربما تكون حاسمة ومفصلية، وعبر حزمة من المواقف السلبية من طرف الدول الكبرى حيال دول المنطقة، يكون من الغرابة بمكان أن يكون موقف الدول الخليجية غير واضح فيما يتعلق بالأحداث الإقليمية والدولية، بمعنى أننا لم نشهد موقفاً موحداً يحاكي كل المتغيرات السياسية والإقتصادية والأمنية صدر من دول مجلس التعاون في المرحلة السابقة، فكيف سيكون الحال مع المستقبل؟يجب أن تواجه دول المجلس مشاكلها بكل شجاعة بعيداً عن الإطراء الساذج من طرف بعضهم، فالمرحلة الحساسة التي تعيشها دول الإقليم فيما يخص الكميات الكبيرة من الملفات الساخنة يتحتم على الجميع وقفة جادة لقراءة الأحداث بطريقة جديدة وجادة، فالمديح والتطبيل لكل ما يصدر من بعض الإعلاميين من دول المجلس خصوصاً وفي ظل هذه الأوضاع العصيبة يعتبر أمراً ساذجاً للغاية، فكل ما يمكن أن يؤخر عملية الإنجاز الفعلي لدولنا على كافة الجبهات والأصعدة هو نتاج اقتناعنا بالأداء السياسي وعدم رغبة البعض بتطوير آلية عمل المجلس والبقاء في الظل، وهذا أخطر ما يمكن أن تواجهه دول التعاون في وقتنا الراهن. على دول الخليج العربي أن تعيد الكثير من حساباتها وقراءاتها للواقع وما يحيط به من أحداث خطيرة ومصيرية، ولهذا يجب إعادة صياغة منظومتها بشكل تتجاوز معها كل هذه التحديات والإشكاليات بصورة مختلفة عما كانت عليه في السابق، فأشكال التحالفات قد تغيرت ورسم حدود الدول سيعتريه الكثير من المتغيرات في وقتنا الراهن، أما الحروب وتحديات الإرهاب وضغط القوانين الاقتصادية الجديدة فهي من أبرز الأزمات التي يجب أن تكون بعين الاعتبار في حال أرادت دول المجلس أن تواجه كل هذه التحديات الفعلية.لم يعد مجلس التعاون الخليجي مجرد شعار أو علم أو نشيد وطني أو حتى جواز موحد أو عملة موحدة، بل يجب أن تتجاوز عقولنا السياسية هذه الملفات الباردة نسبياً مقارنة مع ما تشهده المنطقة من غليان ومتغيرات عملاقة، إلى حيث فضاء الوحدة التي تفضي إلى بناء منظومة متكاملة ورصينة ومنتجة، لا أن نظل نراوح مكاننا عبر تمسكنا بقوانين قديمة ومعتقة لم تعد صالحة لهذا العصر، فحجم التغيرات التي طرأت على المنطقة لا تغطيها قوانين المجلس في شكلها الحالي، بل يجب أن نعترف بمواطن الضعف وتعزيز قيم القوة لتنسجم مع كل الإحداثيات الأخيرة التي فهمها البعيد قبل القريب، وهذا أخطر ما يمكن أن نقوله في هذا الشأن، فهل يمكن أن نصحو من نومنا؟ أم سنظل نستمرئ نشأة المجلس الأولى؟ هذا ما يلزمنا الإجابة عليه بكل وضوح وشفافية.
Opinion
مجلس التعاون بين الغيبوبة والحضور
02 سبتمبر 2016