التقرير الذي نشره أخيراً ما يسمى بـ»مركز البحرين لحقوق الإنسان» تحت عنوان «حقوق الإنترنت منتهكة في البحرين»، تضمن الكثير من المعلومات غير الصحيحة، والمبالغات والتهويل، الذي دليله اعتماد عدد الشهور كرقم إجمالي للأحكام التي صدرت بحق أربعين شخصاً أساؤوا استخدام هذه الوسيلة العصرية، وتسببوا في أذى الآخرين وأذى الوطن، ذلك أنه لا يلجأ إلى هذا الأسلوب سوى من هو متأكد من أن اعتماد الأسلوب المعتاد في ذكر الأرقام لا يؤثر في المتلقي ولا يكسب التعاطف المطلوب. أما القول بأن السلطة «اتخذت إجراءات لتشديد قبضتها على الإنترنت وزيادة المراقبة على المحتويات المنشورة عليه» فهو أمر تتخذه السلطة في كل بلاد العالم خصوصاً في الظروف غير العادية التي تمر بها، ما يعني أنه حقها، دون أن يعني هذا أن البحرين انتهكت حقوق الإنترنت بالشكل الذي يمكن أن يتصوره قارئ ذلك التقرير «في بعض البلدان وعلى رأسها إيران يكون التعامل مع من يقوم بتوظيف الإنترنت ضد السلطة بطريقة تتيح له الفرصة ليصير حديث الآخرين عبر هذه الوسيلة»! ويبدو أن معدي التقرير وبسبب فورة حماسهم واستعجالهم لم ينتبهوا إلى أنهم اعترفوا بأنهم و»شخصيات المعارضة» استخدموا الإنترنت منذ وصوله في عام 1995 «في نشاطاتهم»، ما يؤكد أن العمل على الإعداد لما جرى قبل خمس سنوات من الآن بدأ مبكراً وأنهم يستغلون هذه الوسيلة لتحقيق أهداف غير مشروعة. معدو التقرير اهتموا بتوصيل فكرة أن البحرين هي «البلد الذي يشعر فيه المواطنون بأنهم الأقل أمناً في التعبير عن رأيهم وانتقاد الحكومة أو التحدث عن السياسة»، ولم يلتفتوا إلى أنهم بقولهم «في الوقت الحالي، تعتبر البحرين من أكثر البلاد استخداماً للإنترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، يؤكدون أنهم يعتمدون على هذه الوسيلة في حراكهم وأنهم يستغلونها استغلالاً سيئاً يعطي السلطة الحق في اتخاذ ما يلزم من إجراءات للسيطرة على الموضوع خصوصاً بعد الانحراف الواضح في الاستخدام والمتمثل في توجيه السباب والشتائم والقذف والتشهير، إلى الحد الذي دفع بعض قيادييهم إلى تنبيههم إلى التوقف عن المواصلة في هذا الأسلوب الذي يعود بالضرر عليهم قبل غيرهم. الأحكام التي صدرت -وتم عدها في التقرير بمجموع الشهور لتبدو كثيرة- صدرت ضد أشخاص استغلوا هذه الوسيلة استغلالاً سيئاً، لو استغله الآخرون ضدهم لأقاموا الدنيا وما أقعدوها، والمتابع لتلك التغريدات ومتفحصها يتبين له أنها تركت انتقاد الموضوع إلى انتقاد الأشخاص والإساءة إليهم «لو أن واحداً أو مليوناً من الناس كتب شيئاً مثل ذلك عن خامنئي مثلاً لقامت إيران بإعدامهم على الهواء مباشرة ومن دون محاكمة». التعبير عن الرأي حق لكل مواطن يكفله الدستور لكن القانون ينظمه، وتجاوز القانون يتسبب في عقوبة منصوص عليها تصدر من الجهات المعنية بعد سلسلة من الإجراءات القانونية، وهو ما ليس متوفراً في بلدان عديدة من بينها تلك التي يتخذها معدو التقرير نموذجاً ومثالاً. ليس صحيحاً أبداً أن الحكومة عازمة على «إسكات الأصوات الناقدة المتبقية على الإنترنت»، الصحيح هو أنها عازمة على إسكات الأصوات المسيئة للوطن وللآخرين والمتجاوزة للقانون والمستغلة لهذه الوسيلة المهمة استغلالاً خاطئاً، والدليل هو أنه بين عشرات الآلاف من الذين يستخدمون الإنترنت يومياً لم تصدر أحكام إلا على هذا العدد القليل من الأشخاص ولأسباب واضحة. والأمر نفسه فيما يتعلق بالمواقع الإلكترونية حيث القانون يمنعها من التجاوز والإساءة إلى الآخرين وليس من التعبير عن الرأي والموقف، وليس عن النقد. ليس انتهاكاً للمواثيق الدولية التي تضمن حق التعبير عن الرأي ولكن ضبطاً للأمور وحفظاً لحقوق الآخرين وحقوق الوطن هو ما تقوم به البحرين فيما يخص الإنترنت.