لا نعرف متى سيتعلم الأمريكان بأن سياستهم المزدوجة دائماً ما يكتب لها بالفشل، وأنها لن تنجح في تحقيق شيء سواء مع البحرين، أو مع بقية دول الخليج العربي تتقدمهم السعودية. أسلوب «الخبث» السياسي الذي لا يتغير هذا، وصل لمرحلة جعل الولايات المتحدة الأمريكية كدولة وليس كشعب، جعلها منبوذة في أوساط الناس، وباتت كلمة «الشيطان الأكبر» تصدق في دولنا عندما نوصف من يدعي أنه حليفنا الاستراتيجي، رغم أن مطلق هذا النعت وهم الإيرانيون ألقوا بأنفسهم في أحضان باراك أوباما، وحتى الأخير صفة «الغدر» تأصلت فيه، فأخذ ما أخذ من المليارات الإيرانية المجمدة، واستغل آخرها أحداث الحادي عشر من سبتمبر في هذا التوقيت ليأخذ مزيداً من الملايين، إذ قبل الاتفاق الإيراني الأمريكي لم تكن الأصابع الأمريكية تشير لإيران بأي حال من الأحوال. الشعار الأمريكي «مصلحة دائمة لا صداقة دائمة» بات شعاراً واضحاً مفضوحاً يعرفه الجميع، وعلى أساسه تغيرت كثير من اتجاهات بوصلة العلاقات السياسية وبناء التعاونات الاستراتيجية. المفارقة أن أمام كل ذلك، يبدي الأمريكان استغرابهم، ويبدون قلقهم، ويرسلون رسائل «تسويقية» تصر على أنهم الخيار الأفضل وأنهم الحليف الاستراتيجي لدول الخليج العربي. الغباء السياسي الأمريكي المتجسد في حقبة باراك أوباما تفوق على كل شيء سلبي كانت توصف فيه حقبة جورج بوش الابن، فالرئيس الحالي يظن أن التعامل مع قوى عربية بأسلوب «السذاجة» ينفع، متناسياً أن دولة مثل السعودية يمكنها أن تؤثر على الاقتصاد الأمريكي بجرة قلم، وأنها قادرة على إرجاع مكانة الحليف الأمريكي في المنطقة لمراتب عدة متأخرة. يزعل الأمريكان من السعودية حينما تقوي علاقاتها مع روسيا وتركيا، وكذلك الحال بالنسبة لبلادنا البحرين، حينما تقلق علاقاتها مع تركيا وروسيا واضعي سياسة البيت الأبيض. والله من الغباء الصرف أن يزعل الأمريكان من ذلك، إذ بصراحة شديدة، لماذا تزعلون؟! لماذا يزعل «الغدار» حينما ينفد صبر المتعاملين معه بسبب أفعاله؟!من أكثر من الأمريكان احترافية في الغدر، هم يقفون معك ويشاركونك حتى رسم السياسة، ويمولونك ويفعلون كل شيء لإبداء حسن النوايا، ثم في لحظة مفصلية يتركونك ويغدرون بك. ومثال حسني مبارك واضح تماماً بغض النظر عن المسوغات التي أدت لانقلاب الأمور. الغباء السياسي الأمريكي حينما ينزل باراك أوباما رأسه أمام الملك سلمان خادم الحرمين الشريفين احتراماً، في نفس الوقت يواصل الكونغرس الأمريكي مؤامراته الخبيثة ليستهدف السعودية. يتحدث عن البحرين وكأنه معها قلباً وقالباً، ثم يترك الكونغرس وكل صوت كاره حاقد لبلادنا ليشوه صورة بلادنا بالأكاذيب والفبركات. حينما تتجه البحرين لتعزيز علاقاتها مع الصين وروسيا وتركيا، يجب ألا تزعل أمريكا منا، يجب ألا يقلق مسؤولوها، ويتكلمون بصيغة اللائم الحزين، بل على العكس، عليهم أن يحمدوا ربهم على استمرار تعامل البحرين والسعودية الراقي المحترم معهم، فالدول التي نتجه لها الآن لم تتآمر ضدنا يوماً، ولم تجند من داخلنا عناصر انقلابية طائفية، لم تدخل هؤلاء في برنامج «الشرق الأوسط الجديد» أو «صناعة قادة التغيير»، لم تحول سفاراتها لبؤر التقاء بقادة معارضة وعناصر ولاؤهم إيراني انقلابي مفضوح. الغباء الأمريكي معنا كان لا بد له من لحظة توقف، لحظة ليست مبنية على رد فعل البحرين أو مواقف منها، بل كان يفترض أن يتوقف تلقائياً من قبل الأمريكان، حينما يستوعبون بأن استمرار كذبة «الحليف الاستراتيجي» لم تعد تنفع، وحينما يقرؤون كلامنا وتحليلاتنا ويستطلعون الشارع ليعرفوا بأننا بتنا نعرف «غدرهم» أكثر من «صداقتهم» المزعومة. الغباء الأمريكي يتمثل باستمرار سياسة الغدر هذه، بدلاً من إنهائها وإلغائها والاعتذار عنها. دولة تدعي أنها أقوى قوة في العالم، وتدعي أنها اللاعبة الأولى سياسياً، لكنها فاشلة في الحفاظ على حلفائها، لأن الغدار أصلاً لا يؤمن بالتحالف بل بالمصالح، ولو كانت مع الشيطان نفسه.
Opinion
«الغباء» الأمريكي.. مع البحرين!
11 سبتمبر 2016