لم يفتتح الرئيس الأمريكي باراك أوباما سوق الكلام يوماً، إلا وكرر الكلمات الأكثر تقليدية برفضه الحرب والدمار وسفك دماء الجنود الأمريكيين، لكن الاعتماد على اقتباسات مستقاة من صحافة الدفاع الأمريكية، يؤكد حجم المخاتلة الذي مارسه أوباما، ففي عهده تم البدء ببناء القنبلة B-61 كأكبر مشروع للسلاح النووي في التاريخ الأمريكي بكلفة 11 مليار دولار. كما شرع في بناء صواريخ نووية جوالة بكلفة 30 مليار دولار. بالإضافة إلى مشروع صواريخ بالستية نووية بعيدة المدى بكلفة 60 مليار دولار. ويتم بناء 100 قاذفة نووية بعيدة المدى لسلاح الجو الأمريكي بكلفة 111 مليار دولار.ولن تتوقف كارثة أوباما برحيله، حيث يقفز سؤال ملح: لمن سيتركها؟إن فوز المرشحة هيلاري كلينتون بالانتخابات الرئاسية القادمة يطمئن بمقدار ما يقلق، فالترسانة التي صنعها أوباما باقية على كل حال، لكن المقلق هو فوز المرشح دونالد ترامب، فليس هذا من يؤتمن على الشفرة النووية كما قالت منافسته، فهو الذي قال: «ما حاجتنا لأسلحة نووية لا نستخدمها؟»، وكأنه يمهد لذريعة استخدامها. كما قال للأوروبيين إن «تعرض بلد منكم لضربة نووية لا يعني قيامنا بشن الضربة النووية الانتقامية، بل سنراجع مواقف ومدفوعات البلد الضحية للشراكة الأطلسية». ثم التفت شرقاً، وقال إن «على اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين وحلفاء واشنطن في الشرق ألا يتوقعوا استمرار المظلة النووية الأمريكية للأبد». مما يعني شروع الدول الأوروبية والآسيوية، كل على حدة في إقامة مظلتها النووية الخاصة بها، مثل الهند وباكستان، كما يعني انطلاق سباق تسلح نووي محموم، وارتخاء قبضة مجلس الأمن على الطموح النووي الإيراني والتركي والمصري وغيرها من الدول. ويصاب العاقل بالذهول حين يقارن ما سبق وهي مجرد تصور لمآلات الأمور، مع حقائق دامغة تقول إنه تم في الجانب الأمريكي توثيق 32 حادثاً متعلقاً بأسلحة نووية من 1950 إلى 1980. كما كان هناك 1151 إنذاراً كاذباً بهجوم نووي، حيث تم رفع حالة الاستعداد للقيام بضربة نووية معاكسة بمعدل ثلاث مرات كل أسبوع في الفترة من 1977 إلى 1984.* بالعجمي الفصيح:إذا كانت روسيا بوتين قد أعادت بتدخلها في الشرق الأوسط أجواء الحرب الباردة، فسيظهر الشتاء النووي في عصر ترامب، وهنا نتساءل كيف بدأت المشاريع النووية الخليجية السلمية بتردد، ثم بقوة، ثم غابت كلياً، ألا يمكن النظر لعصر ترامب النووي كفرصة للخليجيين للخروج من مظلة الأمريكان وبناء مظلتهم الخاصة كبقية الأمم!* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج