لم يعد تقييم الشركات الصناعية مع الانفتاح على الأسواق العالمية والتقدم التكنولوجي يقاس على مدى تحقيق الشركة لأرباح مالية أو لكمية إنتاج أكبر من السلع والخدمات وظهرت العديد من المفاهيم الحديثة والتي ساهمت في جعل تلك المنظمات قادرة على التعامل مع المتغيرات المتسارعة في الجوانب الاقتصادية والأخلاقية والتكنولوجية والتسويقية التنافسية. وكانت من أبرز تلك المفاهيم المسؤولية الاجتماعية البيئية والأخلاقية لتلك الشركات تجاه المجتمع الذي يتواجد فيه وسلامة وصحة منتجتها وأصبحت تلك الشركات تلعب دوراً محورياً في عمليات التنمية المستدامة بالتزامها المستمر في تقديم الخدمات والسلع التي تحقق مستوى معيشياً أفضل للمواطنين وتسهم في تطور البيئة للاستفادة منها على مستوى المجتمع المحيط لتحقيق التنمية الاقتصادية، وتشكل بيئة الأعمال من مجموعة من العوامل المتداخلة والمتشابكة والتي تؤثر على مشاريع الأعمال وتتأثر بها بدرجات مختلفة ومتفاوتة، فالبيئة المحيطة بمنظمات الأعمال ما هي إلا سلسلة من الأنظمة التي يستقل بدور كل منها بحد ذاته من الناحية النظرية وتتشابك مع بعضها بعضاً من الناحية العملية. ويأتي مفهوم المسؤولية الاجتماعية تجاه البيئة على أنها التزام منظمات الأعمال تجاه المجتمع التي تعمل فيه عن طريق المساهمة في مجموعة كبيرة من الأنشطة الاجتماعية من محاربة الفقر ومكافحة التلوث وأن هذه المنظمات ما هي إلا جزء من المسؤولية الاجتماعية تجاه البيئة الخارجية والداخلية لتلك المنظمات.وكما أن هناك مجموعة كبيرة من المنظمات ذات التزام أخلاقي عالٍ تجاه البيئة والمجتمع المحيط بها، وفي المقابل هناك منظمات غير ملتزمة أخلاقياً و ليست لديها المبادرة في السعي إلى حماية البيئة من التلوث نتيجة لآثارها الصناعة المترتبة على تلويث البيئة. في حين ينظر إلى المسؤولية البيئية بأنها ذلك الإطار من العلاقات الذي يحدد ماهية علاقة الإنسان مع غيره وفي حين ينظر لها من ناحية اقتصادية الملكية التي توفر مجموعة من الخدمات فهي من الأصول الخاصة جداً، حيث إنها توفر الغذاء الذي نستهلكه والهواء والماء الذي يمدنا بالحياة، كما أن المواد الخام التي نحصل عليها من البيئة تعود لها على شكل نفايات مختلفة الأشكال والأنواع، مما يؤدي إلى مسارعة جهات مختلفة للعمل على حماية الإنسان والبيئة من هذا التلوث.ومن المتفق عليه أن الشركات الصناعية ليست بشركات خيرية بل هاجسها الأول هو تحقيق عائد مالي يتناسب مع حجم استثمارها، وبالتالي فإن قيام تلك الشركات الصناعية بتبني مسؤولياتها الاجتماعية عامة والبيئة خاصة، يترتب عليه تكاليف إضافية قد لا يترتب على غيرها من المنافسين، ولكن مبادرة تلك الشركات في حل مشاكلها البيئة تعمل على إضافة ميزة تنافسية عن غيرها وكذلك تدعم من سمعة منتجاتها في الأسواق الداخلية والخارجية، كما تساعد على إنجاز مهماتها مع الجهات المختلفة بالتزامها البيئي وحصولها على شهادات مختلفة إذا كانت سياسات البيئة لتلك الحكومات تدعم التوجه لحماية البيئة من التلوث. مما لا شك فيه، إنه ما من منظمة تتبني المسؤولة الاجتماعية وتحترم البيئة بما يتناسب مع وظيفتها الاقتصادية، فالالتزام البيئي هو جزء من الالتزام الاجتماعي ككل ولا يكتمل إلا به، وهو ضرورة على المستوى الاقتصادي الدولي كما هو ضرورة على مستوى المنشأة، فحث المنظمات علي تبني المسؤولية الاجتماعية يقودها إلى تحقيق التزاماتها تجاه البيئة ودعم الإدارة البيئة لديها في حدود إمكانياتها ونطاق مسؤولياتها كون الالتزام جزءاً لا يتجزأ من الالتزام الاجتماعي.باحث في العلوم الإدارية والمالية