اعتدنا أن تكون اجتماعات الحكومة المعنية بمتابعة المشاريع وصناعة القرارات ممثلة في جلسة مجلس الوزراء. لكن أن نتحدث اليوم عن عقد ملتقى حكومي هو الأول من نوعه في البحرين، فإننا نتحدث عن تعاطٍ جديد من نوعه مع نمطية العمل الحكومي. صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد، ولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، أعلن عن عقد هذا الملتقى الأول من نوعه تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء، حفظه الله. الملتقى ليس مقصوراً على الوزراء ليمكننا وصفه بأنه «اجتماع من نوع آخر» للحكومة على غرار مجلس الوزراء، بل المدعوون فيه ينقسمون للقيادات السياسية ممثلة بسمو رئيس الوزراء وسمو نائبه الأول ونواب رئيس الوزراء والوزراء، إضافة للقيادات التنفيذية ممثلة برؤساء الهيئات والوكلاء والوكلاء المساعدين والمدراء، أي باختصار أن جميع أصحاب القرار بمختلف تدرجاته سيجتمعون للمرة الأولى في مكان واحد ليناقشوا عمل الحكومة. طبعاً هي خطوة إيجابية، وتأتي في إطار أسلوب «التفكير خارج الصندوق» الذي يتبناه سمو ولي العهد النائب الأول، وبما يعزز توجهات سمو رئيس الوزراء باتجاه جعل الحكومة أكثر ديناميكية في حراكها وأكثر فعالية في مخرجاتها. الخطوة أراها إيجابية جداً لأنها تشرك جميع المسؤولين باختلاف مستوياتهم في ورش عمل معنية بالعمل الحكومي، والهدف منها الخروج بصيغ تكاملية في الأداء بحيث ننجح في تحقيق أهداف برنامج عمل الحكومة، بالأخص تلك التي وضعت ليستفيد منها الوطن والمواطن. الأمر الإيجابي الآخر يتمثل في ضرورة إشراك جميع المستويات القيادية في عمليات ضبط بوصلة العمل الحكومي، وفي عملية صياغة التحركات والاستراتيجيات، خاصة في ظل التحديات الموجودة، والمتغيرات التي تطرأ بين الفينة والأخرى.نحن نقول أحياناً أن هناك فجوة بين المواطن والمسؤول، وبعض النواب يقولون إن هناك فجوة بينهم كسلطة تشريعية والحكومة كسلطة تنفيذية، بالتالي إن كان من المسؤولين في مناصب المدراء أو الوكلاء من يقول ان هناك فجوة بين مستويات قيادية وأخرى، فهذا الملتقى فرصة لردم هذه الفجوات، وللخروج أقلها بمكسب مفاده أن الجميع يسيرون في اتجاه واحد، وأنهم في نفس الصفحة ويتفقون على نفس الأهداف. أتوقع أن يحل الملتقى إن تمت إدارة جلساته وورشه بجدية ودرجة عالية من الاحترافية، أتوقع أن يحل كثيراً من الإشكاليات التي تحصل بين قطاعات معينة بسبب تداخل أو تقاطع بعض الصلاحيات، كما يفترض بأن يعمل على إزالة اللبس عن بعض السياسات لدى بعض القياديين، بحيث تتضح الصورة أكثر، خاصة فيما يتعلق ببرنامج عمل الحكومة، وهو البرنامج الذي أجزم بأن بعضاً من المسؤولين سواء من فئة المدراء أو حتى الوكلاء لم يقرأه بتمعن كاملاً، اعتماداً منه على أن المسؤولية السياسية تقع على الوزير وكذلك المسؤولية التنفيذية. لذلك أتوقع أن تكون الورش معنية بأمور مفصلية في تقوية العمل الحكومي، وأن تركز على حل المشكلات المتكررة والتي يتداولها الناس، وأن ترتقي ببعض أساليب وآليات العمل لتواكب عمليات العمل الاحترافي. التواصل والالتقاء بين المسؤولين هدف أثير في هذا الملتقى، إذ وجود هذا الكم من المسؤولين في مكان واحد، وفي ورش عمل تفرض عليهم التفاعل والنقاش والعمل معاً في فرق عمل، مسائل من شأنها كسر روتين التواصل الذي تطغى عليه البيروقراطية، بحيث تتسهل أمور عديدة من خلال التواصل المباشر بين المسؤولين. مثال حي حققه برنامج «قيادات» الذي يقدمه معهد الإدارة العامة، وهو البرنامج الذي يجمع المدراء حديثي التعيين في الحكومة لمدة تتجاوز الثلاثة أشهر في دورات تدريبية نظرية وعملية وورش عمل، إذ سجلت حالات لتسهيل إجراءات وعمليات بين الوزارات، فقط لأن بعض المدراء كانوا مشاركين معاً في نفس الدفعة ونفس البرنامج، بالتالي عمليات المخاطبة الرسمية أصبحت شكلية، والحراك بين القطاعات أصبح أكثر ديناميكية، بما جعلهم يكسبون الوقت والجهد. الفرصة وجدت كبداية في هذا الملتقى الأول، يبقى التعويل على أداء المسؤولين فيه، إن نظروا له بأنه يمثل فرصة ذهبية لتطوير الحراك الحكومي وتذليل الصعوبات وحل المشكلات، فإنهم سيحققون الفائدة المرجوة منه، بعكس لو شاركوا فيه لمجرد المشاركة.