مثل بحريني قديم نؤمن به «اللي مو على دينك ما يعينك»، والمثل يُقصد به أنه الذي ليس معك على طريق واحد أو لا يشترك معك في الفكر أو العقيدة لا ترتجي منه مساندة. ولكن الآن الوضع اختلف.. فأصبح الذي يوافقنا الرأي أيضاً ربما لا يرجى منه مساندة!أُشير إلى أن هناك يوماً دولياً اعتمدته منظمة الأمم المتحدة هو اليوم الدولي للتضامن الإنساني، يُحتفل به كل عام في ديسمبر، أو بالأصل هذا الاحتفال يجدد تذكير البشرية بأهمية العمل الجماعي والعمل بروح الفريق الواحد، من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 والتي أبرزها القضاء على الفقر، وتحقيق الرخاء والسلام للجميع وحماية كوكب الأرض وتعزيز الحياة الكريمة للجميع. إن روح التضامن وتقبل رأي الآخر لا تأتي من خلال التصريحات الصحافية، أو من خلال محاضرات جافة يٌقيمها أشخاص لا يمارسون آلياته في معيشتهم أساساً، ولا من إرسال وفود إلى تلك المحاضرات كزينة لملء كراسي قاعة المحاضرات فقط وشرب القهوة! بل إن روح التضامن كان من الممكن أن تروج من خلال التربية والثقافة، وبناء قدرات الإنسان من خلال برامج احترافية ليمنح الإنسان حداً أدنى من المناعة الحضارية ضد السقوط في الكراهية العمياء للآخر. ولا أقصد هنا تلقين هذه القيمة الأساسية من قيم المجتمع كما تعلم المعارف كمقرر دراسي بل يقتضي إدماجها في مجموع العملية التعليمية كقاعدة تؤطر السلوك الاجتماعي للمعلم كما للمتعلم.للأسف هناك «بعض» البشر الذين هم على ديننا والذي يفترض أن نكون معاً على الغريب «الفتن السياسية الدولية»، نراهم يتابعون الأخبار السياسية، و«أبديت» التحركات السياسية، وتراهم ينقلون لك تفاصيل الخطوات الحربية وكأنك في برنامج مباشر من بطولتهم، إلى جانب تلك الدعوات المدوية لله سبحانه إلا أنك تنصدم بواقعهم الذي يصف واقعهم من خلاله.. كمسلم شكلاً وكأنه يدين بدين آخر موضوعاً!أيها القارئ العزيز.. إن كُنت تسعى لأن تشاهد «أبديت» كل أخبار الحروب وتدعي تأثرك بها وقلقك بها.. أرجوك توقف! مادامت نبتة الحقد مازالت تنمو في غضروف قلبك! فلا يجوز أن تدعي الحب وتطلب السلام وأنت تعتبر رمزاً للعنصرية والحقد في ممارساتك اليومية!تقول لي صديقتي، أخرجتُ سيارتي الحديثة في فصل الشتاء الحنون، وركنتها في نفس الليلة - لليلة واحدة فقط - في زاوية منزل جاري من الخلف، وذلك بسبب هطول المطر الغزير، وإذا بي أستقبل سيارتي في الصباح مطعنة في كل إطاراتها الأربعة! كهدية مبهرة من جارٍ مسلم شكلاً و«يدين بدين آخر» موضوعاً. وفي الدوام.. وما أدراك ما الدوام! تحزبات طائفية وغير طائفية غريبة، زميلتي - والحديث لصديقتي - التي هي من طائفتي تقوم بالتركيز على إسقاطي بدلاً من التركيز على منافستي، أما زميلي المسؤول الذي يختلف عن طائفتي، فهو يحاول استفزازي في كل تكليف يطلبه مني بشكل غير لائق، وفي نفس الوقت هو يلاحق الفتيات المطلقات ليكون تحت أرجلهن.. بالرغم من كونه متزوجاً! ممارسات كثيرة أنا على يقين أنني اشترك فيها مع أغلب البشر المسلمين شكلاً وموضوعاً.عذراً يا عمران! لقد أبكانا وضعك كثيراً، ولكن.. كيف لنا أن نساعدك ونتضامن معاً من أجل الإنسانية فنحن غير متلاحمين بين جماعاتنا لنكون متضامنين دولياً معك أساساً! أيها الطفل الوسيم عمران، نحن مجتمع يقوم بهدم بعضه بعضاً، ومن ثم نبكي أو نتباكى.. وبدلاً من أن نتعاضد فإننا نتسابق لندفن بعضنا البعض في الوحل غيرةً وحقداً وحسداً! أمراض نفسية قبل أن تكون جسدية، عافانا الله.