قول المتحدث الأمني بوزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي إنه «لم تسجل من قبل جميع الجهات أي حالات تعكر صفو حج هذا العام أو تؤثر على الحجاج في تأدية نسكهم»، وقول العديد من المسؤولين السعوديين من مختلف الجهات التنظيمية المعنية بشؤون الحج وتأكيدهم على إتمام مختلف مراحل الخطة التي تم اعتمادها لموسم حج هذا العام بنجاح منقطع النظير، تعين على الاستنتاج بأن سبب تعكير صفو الحج في الأعوام السابقة هم الإيرانيون، فلو حضروا لاختلف الأمر ولعانى الحجاج الكثير وهم يؤدون المناسك.ويبدو أن هذا الاستنتاج قريب من الواقع كثيراً، ويبدو أيضاً أن إقدام الحجاج الإيرانيين على أعمال الفوضى وصولاً إلى التخريب والدخول في مواجهات مع الأمن في بعض السنوات هو بسبب توجيهات يتلقونها من حكومة الملالي، فالمتابعون لهذا الأمر يسهل عليهم تبين أن الحجاج الإيرانيين كانوا «عاقلين» أو أقل انحرافاً عن المناسك في السنوات التي لم يتلقوا فيها مثل تلك التوجيهات من تلك الحكومة.هذا يعني أن حج العام المقبل سيكون خالياً من المشكلات لو أن إيران استمرت في قرارها منع مواطنيها من الحج كما فعلت في هذا العام، ويعني أيضاً أن حج العام المقبل يمكن أن يكون خالياً من المشكلات لو سمحت إيران لمواطنيها بالحج ولكن لم تزودهم بتوجيهاتها المعتادة أو أخبرتهم بأن «المصلحة العليا» لإيران تتطلب عدم القيام بأي عمل يعكر صفو الحج ويؤثر على علاقاتها بالسعودية، أو ربما يؤثر على علاقاتها بمن كانت تنعته سابقاً بـ«الشيطان الأكبر» فيتضرر الاتفاق النووي الذي أبرمته معه أخيراً.خلاصة كل هذا أن إيران هي المشكلة، وأن حكومة الملالي تسعى إلى لي عنق الحج لو أنها قدرت أن ذلك يخدم سياستها، وأنها يمكن لو سمحت لحجاجها بأداء المناسك أن تمنعهم من ممارسة أي عمل يعكر الصفو ويؤثر سلباً على الموسم.هذه الاستنتاجات منطقية، ولكنها تحتاج أيضاً إلى تأييد وتأكيد من قبل المعنيين بالإحصاء والدارسين من المتابعين لشؤون الحج من المحايدين ومقارنة ما يتوصلون إليه بما تتوصل إليه الجهات الرسمية المعنية بتنظيم الحج في السعودية كي يمكن الخروج بنتيجة علمية يمكن الاعتماد عليها في اتخاذ قرارات عملية تضع حداً للاستهتار الإيراني.هناك دليل آخر على صحة هذه الاستنتاجات هو أن «الحجاج» الإيرانيين الذين توجهوا هذا العام بناء على توجيهات خامنئي إلى كربلاء عوضاً عن بيت الله الحرام زاروا مرقد الإمام الحسين عليه السلام ولم يقوموا بأي عمل يعكر الصفو هناك، رغم الأوضاع الأمنية غير المستقرة في العراق، ما يعني أن التوجيهات كانت صارمة ومانعة من القيام بأي عمل خارج يؤثر على حالة الأمن هناك. وهذا يعني أيضاً أنه لو كانت التوجيهات مغايرة لحدث في كربلاء، في يوم عرفة تحديداً، ما لا ينساه العراقيون أبداً.مثلما أن واحداً زائداً واحداً يساوي اثنين حقيقة لا يمكن الاختلاف عليها، كذلك هي حقيقة أن حكومة الملالي هي من يقف وراء كل أعمال الفوضى والتخريب التي يقوم بها الحجاج الإيرانيون في مواسم الحج «أعداد غير قليلة من الإيرانيين رزقهم الله حج بيته الحرام في هذا العام لكنهم لم يتسببوا في أي فوضى ولم يقوموا بالتخريب ولم يخلقوا أي مشكلة، والسبب هو أنه لا دالة لحكومة الملالي عليهم، فكلهم من الذين يتخذون منها موقفاً ويعيشون خارج إيران».قيام المعنيين بعمل الدراسات هو لتأكيد الموضوعية ليس إلا، حيث الواقع يؤكد أن إيران هي «ساس البلى»، وتؤكد الشواهد على أن أي مشكلة يمكن حلها بمجرد إبعاد حكومة الملالي عنها، وهذا لا ينطبق على موسم الحج فقط.