الأستاذ محمود محمد عبدالغفار ـ أمد الله في عمره ـ من الشخصيات النادرة الجميلة التي مرت علي، فهي شخصية تحب الخير ولا تنساه، وتعطي عطاء لا علاقة له بمنظور الأعمار.. لأن العطاء لا يرتبط بعمر معين، فهو عطاء على طوال حياة الإنسان وحتى الرمق الأخير من حياته.. هذا هو الدرس الجميل الذي تعلمته من هذه الشخصية المعطاءة التي بذلت وما زالت في عدة ميادين.. تشرفت بالعمل معه في مدرسة البسيتين الابتدائية للبنين في السنوات الأولى من عملي في حقل التعليم، وقد استفدت منه كثيراً في التعامل الأبوي مع الطلبة، والتركيز على كيان كل طالب لوحده، والمكوث ساعات لتصحيح الدفاتر والأوراق.. فضلاً عن علاقة الود والمشاعر والهمس النفسي التي كان يتبادلها مع الطلبة الصغار.. كما زاملته في ميدان العطاء وتحفيظ كتاب الله الكريم، فكان نموذجاً رائعاً في تحفيظ الطلبة كتاب الله الكريم، وكان لا يقبل أبداً أن يرد أي طالب يحب أن يحفظ القرآن الكريم، وعلى الأقل «يستمع» لزملائه حتى تصحح تلاوته ويقوم لسانه.. أما عن عطائه الحياتي فالكلام يطول، فهو كريم وسخي يده معطاءة لأنه من جيل «السنع» كما يتولى عادة مبادرات التواصل الاجتماعي من خلال زيارة جيل العطاء، فقد شرفنا عدة مرات مع صحبه الكرام والأساتذة في زيارات للوالد ـ رحمه الله ـ والذي كان يسر برؤية رفاق دربه ويتجاذب معهم أطراف الحديث عن حكايات زمان العطاء وبرامج الصحبة الجميلة.. كما لا يغيب عن أنظاره كتابة مواقف الحب التي جمعته مع كل من يحب، فهو يقضي وقتاً طويلاً في كتابة بعض المشاهد مع من عاصره وبخاصة أولئك الذين انتقلوا إلى رحاب المولى الكريم.. يكتبها وفاء لهم وسرد لمناقبهم حتى تترحم عليهم الأجيال.. جزاك الله خيراً ـ والدنا الحبيب ـ الأستاذ محمود.. فقد تعلمنا منك الكثير وستظل همساتك الجميلة دروسا لنا في ميادين الحياة.. أمد الله في عمرك وأسبغ عليك نعمة الصحة والعافية.يبادلني زميلي قصص الذكريات الجميلة، ويتحفني بمواقف الحب والخير والعطاء التي جمعتنا معا، ويحكي مواقف الشهامة والإباء و»السنع» فهي المحببة عادة إلى نفوسنا في زمان النسيان وضغوطات الحياة.. بالفعل كم تشتاق نفوسنا لمثل هؤلاء الأصحاب الذين يمسكون بيدك نحو الخير ولا يثقلون عليك بمقادير الحياة.. فهم كالشمعة المنيرة التي تنير دربك وتعطيك الأمل الذي لا ينقطع في دروب الحياة.. تشتاق نفسك لهم في كل لحظة لأنك تعرف أنهم الساعد الإيجابي لحياتك الأجمل.رائع جداً أن تجتمع رسائل الحب التي كتبتها الأجيال المتعاقبة في ميدان واحد تتناقل فيه الخبرات.. فنحن في مسيس الحاجة لمثل هذا التنوع في العطاء وفي عرض نماذج متعددة من رسائل حب كتبت من أحاسيس ووجدان أصحابها في زمان معين.. البعض اليوم قد لا تقنعه مثل هذه الرسائل.. في حين أن التمازج الفكري والوجداني في ميدان الخير، يعطيك فرصة مواتية لإبراز الطاقات الواعدة التي لم تحصل على فرصتها في العطاء الثري، حيث توارت عن الأنظار في ظل غياب القدوات البارزة وقلة النماذج الشامخة..تبقى رحلة الحج الإيمانية الفرصة المتجددة في حياة المرء الذي أكرمه المولى الكريم بأن يكون أحد روادها لخدمة حجاج بيت الله الحرام، أو يكون أحد الفائزين بمقعد ضيافة المولى الكريم.. وفي كل الأحوال فإن الفائز بعد هذه الرحلة الممتعة هو من استطاع أن ينتصر على هوى نفسه، وتمتزج مشاعره مع إيمانيات المواقف الجميلة التي عاصرها في الطواف والسعي والحلق والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ومنى وفي رمي الجمرات.. هي مناسك تعطيك القرب الإيماني والإحساس الصادق بشمولية العبودية والتذلل بين يدي المولى الكريم.. تقبل الله من الجميع حجهم وأرجعهم إلى بلادهم سالمين غانمين مغفورا لهم أجمعين.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اغتنم خمساً قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك». عندما تتأمل هذا الحدث ما تملك إلا أن تكون النحلة النشيطة المنتجة في ميادين الحياة، فيمتد بصرك إلى أفق الحياة لتستثمر كل لحظة فيها في العمل للآخرة.. فأعمارنا قصيرة.. والندم في لحظات معينة لا يفيد عندما تتثاقل عليك الأمور وتصبح عاجزا أن تقدم ولو الشيء اليسير في ميادين الخير.. فجميل جدا أن تكتب حياتك في سجل «العطاء الدائم الذي لا ينقطع»، لأن تقلبات الحياة لا تعطيك فرصة أبدا أن تعود كما كنت، أو أن تتمنى الأماني التي تلاشت مع أدراج الرياح.. جميلة هي المواقف التي يتذكرك من خلالها كل محب حتى وإن قصرت في حقه، أو أبعدتك الظروف عنه يوما ما.. هي النفوس الراقية التي لا تمل أبدا بأن تكون بقربك حتى وإن جفت نفسك عن وصاله.. النفوس الراقية التي تحبك وإن قسوت، وتبتسم في وجهك وإن فترت أو تغيرت تقاسيم وجهك.. هذه النفوس التي يجب أن ترتمي في أحضانها وتحرص على ودها والتواصل معها مهم مضى الزمان.. لأنها تعرف من أنت.* ومضة أمل:سأعود من جديد لأكتب أجمل عبارات الحب في حق من أحب.. وأعطي عطاء دائماً في محافل الخير.. ولا ألتفت لتفاهات البشر.. ولا تمتزج مشاعري مع مضيعات الأوقات.. وأطرق وبيد من حديد على كل مواقف الحياة التي آلمتني يوما ما.. لأكتب من جديد رسائل حب في كل ميدان أعمل به.. بعيداً عن المنغصات وأمزجة البشر المتعبة.
Opinion
رسائل حب لا تنسى
17 سبتمبر 2016