يحدثني أحد العاملين في إحدى كبريات الشركات في البحرين بحرقة قائلاً «لكِ أن تتخيلي أن الشركة التي أعمل بها أقامت حفلاً كبيراً ودعت إليه العديد من الشخصيات من خارج الشركة وعدداً من المسؤولين واستثنت الموظفين العاملين في الشركة واختصرت الدعوات على نفر من الإدارة العليا في الشركة فقط، كان الاحتفال بمناسبة «منجزاً» ينسب للشركة ساهم فيه جميع الموظفين دونما استثناء ولكن الغريب أن الإدارة اختصرت الاحتفال على المسؤولين فقط!!».يقول العامل: «لقد شعرت أنا وزملائي بالإحباط فهذه ليست المرة الأولى التي يتم استثناؤنا من الحضور لأي احتفال أو افتتاح وكأن الشركة تستعر و»تنحرج» من وجودنا في الحفل، وكأننا لا نشكل قيمة مضافة للشركة، مع أننا من خيرة العاملين المواظبين في الشركة ونسعى جاهدين لإنجاز مهامنا الوظيفية على أكمل وجه». والشيء بالشيء يذكر، حيث قرأت قصة في علم الإدارة هذا نصها: «يسرد أحد كبار المسؤولين في إحدى كبريات الشركات السعودية أنه بعد أن تم تكليفه بمهمة إدارة مكتب الشركة في طوكيو باليابان، أراد تحفيز الموظفين هناك بنفس المنهجية التي تتبعها الشركة في الظهران من خلال إقامة حفل يقام كل شهر ويدعى له كافة الموظفين ويتم اختيار أفضل موظف في كل قطاع ويتم تسليمه جائزة باسم «موظف الشهر»».يقول المسؤول «قمت بالإعلان عن برنامج التحفيز الجديد، وبدأت بدعوة الموظفين المختارين للتقدم لاستلام دروع التكريم..إلا أنني لاحظت أن جميع الوجوه متجهمة وخاصة أولئك الموظفين المكرمين الذين كانوا يسيرون بتردد يقدمون قدماً ويؤخرون أخرى، وهم يتجهون لاستلام دروعهم، وكانت المفاجأة أنه في اليوم التالي عندما دخلت مكتبي وجدت جميع الدروع قد وضعت على طاولة مكتبي، فتعجبت من ذلك واستدعيت أصحاب الدروع وسألتهم عن سبب إعادة الدروع، وكانت المفاجأة بالنسبة لي كبيرة بعد أن أخبروني بأنهم مستاؤون مما حصل حيث وضعتهم في موقف محرج أمام زملائهم، لأنهم يرون أن النجاح لا يمكن أن ينسب لفرد في المجموعة، بل إلى كل زملائهم، فما كان لأي موظف أن ينجح لولا دعم زملائه له، وأخبروني بأنهم لا يمكنهم قبول هذه الدروع بأسمائهم، فاعتذرت منهم وأخبرتهم أننا لم نقصد إهانة أو إحراج أحد ولكنه إجراء اعتدنا عليه حسب المعمول به في الظهران، فقالوا: هذا لا ينطبق علينا في اليابان فنحن نعمل كفريق، والنجاح هو نجاح للفريق، ولا يمكن نسبته لفرد منهم. فسألتهم عن كيفية حل هذا الإشكال.. فطلبوا أن نقيم حفلاً آخر، وأن أعتذر عما حدث في الحفل السابق، وأن أتقدم بالشكر لكافة العاملين دون تسمية أي فرد، وأن أبلغهم بأنني كنت أجهل الثقافة اليابانية. وهذا ما قمت بفعله في اللقاء التالي».هذه هي الثقافة اليابانية في الإدارة، أما بعض المسؤولين لدينا ينسبون النجاح لأفراد معينة، متغافلين سائر الموظفين الذين شاركوا في صناعة هذا النجاح، لدينا بعض المسؤولين الذين لا يؤمنون بالعمل الجماعي، ولا بروح الفريق الواحد، ولا يؤمنون بأن نجاح المؤسسة قائم على تعاضد جميع أفرادها دون استثناء، وهم الأولى بحضور احتفالات نجاح مؤسساتهم وشركاتهم، وهم الأولى بأن يكونوا في الصفوف الأولى.
Opinion
درس في الإدارة.. «الثقافة اليابانية»
17 سبتمبر 2016