تغيرت الدولة الريعية في البحرين بعد قرارات تاريخية استغرقت 84 عاماً حتى يتم التوافق عليها. وتغير مجتمع البحرين بخلل ديمغرافي واضح هيمن فيه الأجانب على النسبة الأكبر من سكان البلاد. وبدأت أجيال الدولة الريعية تتولى إدارة شؤون البلاد في القطاعين العام والخاص. وأتيحت لمئات الآلاف من البحرينيين فرصة التعبير عن آرائهم بحرية وسهولة بما كفله الدستور ووفرته شبكات التواصل الاجتماعي بعيداً عن أي رقابة.تلك 4 تحولات رئيسة نقف أمامها اليوم لنتساءل عن كيفية التعامل معها، هي تحولات تاريخية تخلق أمامنا فرصاً وتحديات لا يمكن مواجهتها عبر جزر منفصلة خلقها التضخم الكبير في الجهاز الحكومي عبر عقود متعاقبة.الجهاز الحكومي ساهم في بناء الدولة البحرينية الحديثة، وإنجازاته مشهودة من بيت كل مواطن إلى شمال البلاد وجنوبها. لكن التحولات الـ4 تفرض نمطاً جديداً من التعامل، باستراتيجيات مختلفة، وبأدوات تنفيذ مبتكرة. وليس منطقياً أن يتم التعامل معها بنفس الاستراتيجيات والأدوات السابقة، في وقت تهتم فيه الحكومة بالابتكار والإبداع باعتبارها عناصر إضافية تقاس اقتصادات الدول بها. الحكومة اهتمت على مدى العقود الـ4 الماضية بمعالجة الكثير من المشاكل والتحديات، والعمل على تطوير العديد من القطاعات، إلا أنها لم تولِ ملف التطوير الذاتي أولوية قصوى. من الممكن أن يكون تقديرها أنها ليست بحاجة لذلك في ظل تسارع عمليات التحديث والتنمية، ومع وجود تحديات كبيرة أهمها مواجهة تداعيات 3 حروب دولية شهدها إقليم الخليج العربي. طرحت رؤية البحرين الطموحة قبل سنوات، وقدمت الحكومة برنامج عملها للحصول على الشرعية السياسية من مجلس النواب المنتخب. كلها أدوات فاعلة ومناسبة لظروفنا وتطلعاتنا، لكننا لم نهتم كثيراً بتطوير العمل الحكومي الذي هيمنت على بعض جوانبه بيروقراطية، وأنظمة وإجراءات هدفها التعطيل والعرقلة أكثر من التيسير والدعم. وهذه المشكلة ساهمت ومازالت في تعطيل تطلعاتنا الطموحة لمستقبل البلاد. التحولات الـ4 التي نعيشها تتزامن مع سيادة ثقافة عمل في القطاع العام لا تشجع الإبداع، ولا تعطي الموظف حافزاً لمزيد من الإنتاج والإبداع. بل هي ثقافة تكرس الكسل، وتجعل من الموظف الحكومي موظفاً حتى التقاعد، فلا يمكن إقالته بسبب تقصير أو إنتاجية محدودة، بخلاف تلك الثقافة السائدة في القطاع الخاص. ليس مطلوباً أن تكون ثقافة العمل في القطاع العام مشابهة للقطاع الخاص، بل يجب أن تكون أفضل بكثير. اليوم نشهد الملتقى الحكومي، ونأمل أن يكون بداية لمرحلة جديدة من العمل والمسؤولية، وأن يكون إطاراً للعمل في ضوء التحولات الـ4 لتقتنص الحكومة الفرص وتواجه التحديات في الوقت نفسه بشكل مختلف.