يلتقي مسؤولو الحكومة البحرينية اليوم بمختلف تدرجاتهم الوظيفية، ابتداءً من صاحب السمو رئيس الحكومة وصاحب السمو نائبه الأول ولي العهد حفظهما الله، وصولاً للمديرين في كافة القطاعات. مثل هذه الملتقيات تعقدها بعض الدول منها دول خليجية كالسعودية والإمارات، وتهدف في أساسها لمراجعة خطة عمل الحكومة وتطويرها بناءً على المتطلبات والمتغيرات المعنية بالمرحلة القادمة، والأهم أنها تشهد عمليات تقويم للحراك السابق. سننظر بالضرورة للملتقى بنظرة تفاؤلية كبيرة، فمثل هذه الخطوات تثبت أولاً وجود الجدية في تطوير العمل الحكومي، وثانياً تكشف وجود الاهتمام المعني بعمليات التطوير. ما كنا نقوله سابقاً من أن العمليات مهما كبرت وتضخمت وتشعبت، فإنها في النهاية تحتاج إلى عمليات مراجعة دورية، وهي المسألة التي نتمنى أن تكون أولى خطوات الملتقى القوية. سمو ولي العهد سيبدأ الملتقى بعرض يستعرض فيه ملفات هامة معنية بعمل الحكومة، وهو العرض الذي سيحظى بأكبر اهتمام ومتابعة، إذ اهتمام سمو ولي العهد بعمليات التطوير بان واضحا منذ اليوم الأول لتعيينه من قبل جلالة الملك حفظه الله نائباً أولاً لسمو رئيس الوزراء، ويومها أعلن سموه بأنه سيكون المعين القوي للأمير خليفة في الارتقاء بالعمل الحكومي، والمضي لتحقيق أهداف الدولة المرسومة في برنامج عمل الحكومة. حرص واهتمام سمو رئيس الوزراء وجدية وعزم سمو ولي العهد النائب الأول هي الركيزة الأولى التي سينطلق منها الملتقى الحكومي. لا نعرف مضامين عرض سمو النائب الأول، لكن المتوقع أن يكون شاملاً لعملية الحراك الحكومي في الفترة الماضية، وما تحقق من منجزات، وبشفافية ولي العهد المعروفة يتوقع أن يتحدث عن التحديات التي واجهت العمل الحكومي، إضافة لاستشرافات المستقبل والطموحات والأهداف القادمة. وأجزم بأن العملية ستشمل أيضاً عمليات تقييم للأداء بحيث يتم من خلالها تصحيح مسارات بعض العمليات، والارتقاء بها، وتجنب بعض المنعرجات في مساراتها بحيث تصلح الأخطاء وتستبدل بإيجابيات. الجلسات الأخرى التي ستعقب العرض المرئي لسمو ولي العهد النائب الأول، ستكون مبنية على مرتكزات عملية تطوير العمل الحكومي، وما يرتبط منها برؤية البحرين 2030، وهي الرؤية التي تتضمن طموحات كبيرة رغم أن البعض يراها صعبة التحقق نظراً للمتغيرات التي جرت على العالم، لكنها في النهاية تبقى رؤية تمثل الطموح والاتجاه الذي يتوجب العمل بناء عليه، خاصة أنها مستمدة من روح المشروع الإصلاحي لجلالة الملك. سمو رئيس الوزراء سيرعي هذا المنتدى باعتباره رأس الهرم في الحكومة، ووجود سموه بحد ذاته دافع لبقية المسؤولين للاهتمام والتفاعل بجدية وقوة في الملتقى، فالهدف منه في النهاية لا يتمثل بكونه فعالية ينتهي مفعولها بختامها، لكن ما نراه أن ختام الملتقى سيكون خطوة البداية نحو مرحلة جديدة من التطوير والعمل الجاد. المسؤولون الذين سيتواجدون في الملتقى من وزراء بعضهم سيشارك في الجلستين النقاشيتين أو الوكلاء والوكلاء المساعدين والمديرين، عليهم دور كبير في ترجمة مخرجات الملتقى وفي تنفيذ الخطة الجديدة والرؤية التي سيكشف عنها سمو ولي العهد النائب الأول. وهنا الكلام يوجه لكافة المسؤولين، باعتبارهم يمثلون السلطة التنفيذية التي يقع على عاتقها تحقيق الإنجازات، وترجمة الخطط إلى أعمال وحراك يفضي للنتائج المرجوة، وجودكم في هذا الملتقى يجب أن تخرجوا منه باستفادة قصوى، سواء عبر التواصل المباشر فيما بينكم وأنتم كلكم تمثلون صناعة القرار والتنفيذ في مفاصل الدولة، أو عبر الالتزام بالتوجه الحكومي الصادر من أعلى السلطات. مشكلتنا في السابق أننا نضع خططاً جميلة واستراتيجيات مكتوبة بعناية، ومعروضة بشكل ورونق رائع، لكننا نتعثر في التنفيذ، ونتلكأ في الالتزام بإطارات العمل، وعليه للأسف كنا سبباً في صناعة ثقافة التذمر في الشارع، وفي تزايد النقد الموجه للقطاعات. اليوم فرصة مثالية لتجديد الحراك الحكومي وتنشيطه، والمضي به لخطوات أكثر تقدماً، اليوم مهم جداً أن نتكلم بصراحة، أن نقيم الوضع السابق، أن نمارس التقويم بكامل مراحله العلمية، حتى نصل لخلاصة تقودنا للتغيير الإيجابي والبناء على المنجزات التي تحققت سابقاً.