شتان بين ما كانت علية منظومتنا الرياضية في الماضي وبين ما هي عليه اليوم، فبعد أن كانت الرياضة في ذلك الوقت تتمتع بأعلى درجات الممارسة الديمقراطية وحرية الرأي سواء من خلال الدور الذي تلعبه الجمعيات العمومية للأندية والاتحادات الرياضية أو من خلال الطرح الصحافي الشفاف، تحولت هذه المنظومة اليوم وفي عهد الإصلاح والديمقراطية إلى أداة تحركها أيادي المنتفعين والمتمصلحين يميناً ويساراً! نحن هنا لا نتحدث عن الإيجابيات المادية واللوجستية التي تتمتع بها رياضة اليوم مقارنة بما كان عليه حال الرياضة بالأمس مثل البنية التحتية والدعم المالي الحكومي وما إلى ذلك من امتيازات مالية يتمتع بها الإداريون والمدربون والحكام واللاعبون بل وحتى الجماهير التي أصبح أغلبها يضع اشتراطات مالية لحضور المباريات حتى لو كانت منتخباتنا الوطنية طرفاً فيها! إنما نتحدث عن الآلية والسلوكيات التي تعيشها الرياضة في وقتنا الحالي، حيث لم يعد للجمعيات العمومية أي دور إيجابي وأصبح وجودها من عدمه واحداً ولم تعد الصحافة الرياضية تمارس دورها المثالي كسلطة رقابية رابعة!لم نعد نسمع تلك المناقشات الساخنة والدقيقة للتقارير الإدارية والمالية التي كنا نسمعها في اجتماعات الجمعيات العمومية للأندية والاتحادات الرياضية خلال حقبة الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي بل أصبحت هذه التقارير تمر مرور الكرام وبسرعة البرق مكتفية برفع الأيادي باعتماد هذه التقارير بما فيها من إيجابيات وسلبيات!ولم نعد نستشعر دور هذه الجمعيات في حرية الانتخاب بل أصبحت العملية الانتخابية صورية تسيطر عليها قوائم مفروضة فرضاً، وغالباً ما تكون تلبي رغبات الرئيس الذي يأتي غالباً بالتزكية!هذه العدوى السلبية طالت حتى الصحافة الرياضية وحولت العديد من الأقلام التي كانت تتميز بالطرح الواقعي الجريء إلى (بروشات) للتلميع والتهويل والمجاملة لدرجة أن مصطلح «إنجاز رياضي» فقد قيمته من كثر استخداماته غير الواقعية وأصبحت الفعاليات الرياضية الموسمية تستحوذ على المساحات الكبيرة من التغطية الصحافية المفبركة والمبالغ فيها على حساب الفعاليات الرسمية بما فيها فعاليات المنتخبات الوطنية!هذه المفارقات هي في واقع الأمر أبرز معوقات الرياضة البحرينية الحالية والتي لن ينصلح حالها إلا إذا خلعت جمعياتنا العمومية (جلباب الوصاية) وعادت إلى سابق عهدها لتمارس حقها المشروع في المناقشة والانتخاب الحر لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وإذا نجح بعض أصحاب الأقلام الرياضية في التغلب على سياسة (تكميم) الأفواه والعودة إلى سابق تميزهم في الطرح الواقعي وتسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية وعدم الانصياع إلى رغبات أولئك الذين لا يستهويهم النقد حتى وإن كان نقداً بناء!