شعوب تصوت على قتلنا دون أن تعلم على ماذا صوتت، هذا هو حالنا مع الشعب الأمريكي إلى اليوم، ومع الشعب البريطاني إلى وقت قريب، ونأمل أن تستمر الصحوة البريطانية بالابتعاد على السياسات الأمريكية المدمرة بعد أن قادتها تبعيتها سنوات إلى خسائر لا يمكن تعويضها!!تذكرنا الأجواء الأمريكية التي صاحبت عملية التصويت على قانون «الجاستا» في الكونجرس الأمريكي وهو القانون الذي يجيز للأفراد الأمريكيين التوجه للمحاكم المحلية لمقاضاة الدول الراعية للإرهاب، تمهيداً لذوي ضحايا تفجيرات 11 سبتمبر لمقاضاة المملكة العربية السعودية باعتبارها من وجهة نظرهم المسؤولة عن تلك الحادثة، تذكرنا بالأجواء التي صاحبت التصويت على قانون «تحرير العراق» عام 1998 وهو قانون مرره الكونجرس أيضاً بأغلبية يجيز للولايات المتحدة الأمريكية رسمياً إسقاط النظام العراقي دون استخدام السلاح أو الحرب.خصص الكونجرس حينها مبلغ 97 مليون دولار لهذه المهمة وبدأ بالاتصال بمن أبدى استعداده للتعاون معهم من العراقيين والبقية تعرفونها، وتعرفون من هم خونة العراق الذين دخلوا بغداد على متن الدبابة الأمريكية، إنما قبل هذه النقطة أي قبل 19 مارس 2003، وحين فشل مشروع إسقاط النظام في السنوات الخمس التي تلت هذا التصويت بالحصار، وفشلت المحاولات بتحريض الشيعة للتمرد على النظام، أراد بوش تبرير استخدام القوة لإسقاط صدام حسين، فبدأ حملة إعلامية ضخمة لشيطنة النظام العراقي داخل الولايات المتحدة الأمريكية وفي أروقة الأمم المتحدة، وما إن وصل منتصف عام 2002 حتى وصلت نسبة الأمريكيين الذي يصدقون أن صدام حسين مسؤول عن تفجير البرجين 42 % حيث شنت وسائل الإعلام حرباً نفسية ضللت بها الرأي العام وساهمت بهذه القناعة التي أثرت على رأي الكونجرس الأمريكي وقت التصويت، وأثرت كذلك على قرار مجلس العموم البريطاني نظراً لتبيعة بلير المطلقة للإدارة الأمريكية حينذاك، فوفقاً للموقع الإلكتروني للجاردين أوبزورفر «جرى ذكر العراق في 7118 مقالاً بين الأول من يناير والسادس من يونيو 2003، بما في ذلك 961 مقالاً تأتي على ذكر العراق وأسلحة الدمار الشامل، وسجل موقع «الإندبندنت» الإلكتروني 5872 مقالاً يتحدث عن العراق منها 931 مرة يذكر العراق وأسلحة الدمار الشامل، أي لم تتوقف وسائل الإعلام عن ذكر أسلحة الدمار الشامل» المصدر مقال لمهند العزاوي نشر في ذكرى الغزو عام 2010.وغزي العراق وأسقط النظام وفعلوا ما فعلوا فيه منذ 2003 وبعد أن وصل عدد القتلى 665000 عراقي ودمرت البنية التحتية للعراق واحتلته إيران وعاثت فيه فساداً. وكان الكونجرس الأمريكي قد أجرى عام 2008 أي بعد خمس سنوات على الغزو تحقيقاً في صحة الحملة الإعلامية التي قادتها إدارة بوش لإقناع الكونجرس واكتشفت التالي: «أقرت لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي في سابقة هي الأولى من نوعها تقريراً مكتوباً يوجه اللوم بشكل مباشر إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش وإدارته بتهمة إساءة استخدام المعلومات الاستخباراتية لتبرير حرب العراق». وقد تم تمرير التقرير بلجنة الاستخبارات التي انعقدت برئاسة السيناتور الديمقراطي جونو روكفلر بتصويت 10 أعضاء بالموافقة مقابل 5 حيث لوحظ انضمام عضوين جمهوريين بارزين إلى الديمقراطيين في الموافقة وهم السيناتور تشاك هيجل والسيناتور أوليفياسنو.وكانت سطور التقرير الاستخباراتي السنوي للكونجرس وهو في الواقع عبارة عن تقريرين، قد أكدت قيام إدارة بوش بخداع الشعب الأمريكي حين تحدثت عن اتصالات بين نظام صدام حسين وتنظيم القاعدة، وكذلك لم ينقل صانعو السياسات بدقة التقييمات الاستخبارية الحقيقية حول حقيقة اتصال الرئيس العراقي بالقاعدة لتترك الانطباع لدى الرأي العام، بأن هذه الاتصالات قد أسفرت عن تعاون كبير بين العراق لتعضيد تنظيم القاعدة وقد اتهم التقرير وكذلك السيناتور روكفلر مسؤولين كباراً في إدارة بوش لاسيما البيت الأبيض الذي استغل صلاحياته من أجل نشر ما يريده فقط من تقرير الاستخبارات لتهيئة التأييد لدخول الحرب في الوقت الذي قام مسؤولون كبار بمناقشة معلومات وتقارير استخباراتية سرية في العلن بغرض تأييد أهداف إدارة بوش نحو الحرب ومنعوا الرأي العام من الاطلاع على معلومات مهمة لأنها لا تتماشى مع ما تقوله وتردده إدارة بوش، «ويكيبيديا».كما أكدت لجنة «تشيلوكت» البريطانية المناط بها التحقيق في مصداقية القرار البريطاني في المشاركة في الحرب على العراق قيام حكومة توني بلير بعملية خداع كبيرة للشعب البريطاني اضطر بعدها إلى الاعتذار والإقرار بخطئه، كما اعتذرت بريطانيا بعدها على إسقاط القذافي لأنها ضللت بمعلومات استخباراتية خاطئة مرة أخرى!!تلك هي الأجواء التضليلية للرأي العام الأمريكي والبريطاني التي تسبق عملية التصويت لاستصدار قرارات مصيرية تصيب شعوباً أخرى غائبة لا تدري ما يحاك لها، كما صوت الكونجرس على قانون الجاستا، لأن الشعوب التي تصوت من السهل تضليلها من أفراد يدفعون مليار دولار سنوياً، مثلما تفعل إيران الآن.. في الولايات المتحدة الأمريكية وفق دراسة أمريكية نشرت مؤخراً بمساعدة أفراد في الإدارات الأمريكية، وأقصى ما يفعلونه حين يكتشف الشعب الأمريكي أو البريطاني خداعهم بعد عدة سنوات من الخسائر والدمار للشعوب هو «الاعتذار»، إنما بعد ماذا؟ بعد خراب ألف بصرة وبصرة!!