* المحطة الأولى:أول محطة نحط بها الرحال وربما هي المحطة الوحيدة بين المحطات التي نتنفس فيها الصعداء وهي محطة بلاد الحرمين الشريفين، وبالتحديد «حج هذا العام»، والذي أبهر بدقة تنظيمه العدو قبل الصديق وأخرس بنجاحه تخرسات خامنئي وزمرته الذين طالما شككوا بقدرة المملكة على إدارة شؤون الحرمين الشريفين، فلقد مر الحج بيسر وسلام ولم تقع أي حوادث في جميع المشاعر.فليس من السهل إدارة مجموعة كبيرة من البشر قدموا من شتى بقاع الأرض، ويربو عددهم عن المليونين، باختلاف عاداتهم وثقافاتهم ومشاربهم، ليتجمعوا في صعيد ووقت واحد. فكما هو معلوم أن شعائر الحج هي توقيتية في الزمان ومحددة في المكان، فهذا العدد يجب أن يكتمل وصوله ليلة الثامن من ذي الحجة، يوم التروية، ثم ينقل إلى صعيد عرفات ليحط فيها من الفجر إلى المغيب عند اليوم التاسع من ذي الحجة، ونفس العدد يجب رعايته لينفر إلى مزدلفة عند الغروب إلى الفجر، ثم ليستقر في منى فيؤدي هنالك المناسك من حلق ونحر ورمي الجمرات طيلة أيام التشريق، ثم الزحف إلى البيت العتيق لأداء طواف الوداع.فعندما يتحدث مشكك من أمثال خامنئي عن سلامة الحجيج فهو كمن يدين نفسه بنفسه، فليتذكر أسلافه القرامطة وما اقترفوه من مذابح في ساحة الحرم عام 317 هـ فقتلوا نحراً 30 ألف حاج ودفنوا زمزم بالجثث وسرقوا الحجر الأسود، فلقد سكت دهراً ونطق كفراً.وأحدث إحصائية تتحدث عن 36 عاماً من أعوام الحج ومنذ عام 1980، وما أعقبها حيث تم استقبال أكثر من 70 مليون حاج ولم تتجاوز الوفيات 5000 حاج، أي بنسبة 0.00007%، وهذا رقم فيه من الإعجاز، وقد تعجز فعلاً أي دولة مهما بلغت من التطور والتنظيم عن تحقيقه، وأغلب تلك الحوادث هي إما طبيعية أو فنية كانهيار الرافعة أو الحرائق أو هي جراء التدافع والتي يقف وراء أغلبها عملاء إيران. وأتمنى من القائمين على شعائر الحج والعمرة من أشقائنا توثيق مراحل الحج لهذا العام وباللغات العالمية ونشرها على أوسع نطاق، ليتضح للعالم الصورة الناصعة لجهود المملكة بدءاً من خادم الحرمين الشريفين ووصولاً إلى الأمراء وقيادات الحرس الوطني وجهاز الشرطة وموظفي المنافذ والكادر الطبي والخدمي الذي فعلاً يعكس صورة مشرقة يحق لكل مسلم منصف أن يفتخر بها وليقطع ويلجم زيغ المشككين والمتربصين.* المحطة الثانية:هي محطة للتفكر وإعادة الحسابات وتتمثل: بالظلم الكبير والإجحاف الذي ألحقه بيان المفوض السامي لحقوق الإنسان بعدم إنصاف مملكة البحرين، ووضعها في مكانتها المرموقة والمعروفة للقاصي والداني في التعامل الشفاف مع حقوق الإنسان، والالتزام بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وتعاونها ومراعاتها لجميع القوانين والتوصيات والضوابط الأممية، ونحن هنا لا نلقي باللوم على المفوضية السامية ولا على رئيسها فقط، حيث إنها تحاول أن تستقي معلوماتها من مندوبيها ومصادرها الخاصة، وكذلك تستعين بتقارير من المعارضة، وكما هو معلوم فليس كل أشكال المعارضة تعمل ضد بلدانها ومواطنيها بل الكثير منها يعمل بسياق عقلاني لتقويم الأداء الحكومي لا عرقلته، وبما يصب في مصلحة المواطن إلا بعض الدول التي ابتليت بعملاء تحت ثوب «المعارضة»، وهمها الوحيد هو ليس الوطن ولا المواطن بل كيفية إزاحة الشرعية والتربع بدلها وبأي ثمن ووسيلة.وكما هو حاصل مع مملكة البحرين فلا يقع اللوم على المفوضية وحدها فحسب، علماً بأن كوادرها ليسوا منزهين عن الخرق والتسييس، بل إن هنالك أيضاً عاملاً في غاية الأهمية وهو الضعف الواضح في منظمات المجتمع المدني والإعلام والكوادر المهنية الشعبية والتي يتوجب أن تطور أداءها بما يتناسق مع آليات المفوضية، لتتابع وتوثق أي خروقات يرتكبها الأفراد والمجاميع المسلحة، التي تصل إلى حد استخدام القوة وتخريب الممتلكات والاعتداء على رجال الأمن تحت غطاء المعارضة، وفتح قنوات تواصل واعتماد كفاءات على مستوى عالٍ من الدقة والمهنية لقطع الطريق على «المعارضة» المشوهة التي سبقتنا للأسف إلى غرفة المفوض السامي وأخذت مواقعها بأريحية. كذلك يجب مغادرة الأسلوب القديم في التعامل مع المنظمات الدولية ومعرفة ما تريده تلك المنظمات بالضبط وتحديث شبكة المعلومات في جانب حقوق الإنسان، وطرح ما يثير شهية المراقبين بالأفلام الوثائقية والاستطلاعات والمسوحات الميدانية، وتناول مواضيع تجلب انتباه المراقب المتمثلة بالإصلاحات وخلو السجون من التعذيب والإكراه بنزع الاعترافات وحق السجين المكفول في التعليم والترفيه والخدمات الصحية وحق الأمان المجتمعي والتي غالباً ما تكون هي المنفذ لأغلب تقارير المفوضية.إن مملكة البحرين هي أولاً وأخيراً جزء لا يتجزأ من منظومة دولية ليس بوسعها الخروج من فلكها بل يتوجب على القائمين على الملف التعاطي مع الحدث والسعي حثيثاً للمحافظة على مكانة مملكة البحرين الدولية وقطع الطريق على اللوبي الإيراني وذيوله في تشويه الصورة الناصعة للبحرين وإخفائها. وهنالك الكثير من المحطات الخليجية ربما سنتطرق لها لاحقاً، وكل عام وأنتم بخير.