شهدت المراجعة البيئية نمواً وتطوراً كبيرين خلال العقدين الماضيين عندما أدركت الإدارة العليا والإدارة البيئية للوحدات الاقتصادية أنَّ المراجعة البيئية هي أحد المكونات الأساسية في نظم الإدارة البيئية، فقد أصبحت الإدارة تهتم بمدى واسع من خدمات الفحص البيئي وتطوير الأداء لمساعدتها في إدارة عمليات المنشأة للوفاء بآمال وتوقعات الأطراف المعنية بما يتفق مع المسؤوليات الجديدة وللتقرير للأطراف المعنية عن كيفية نهوض المنشأة بتلك المسؤوليات، وتقع هذه الاختبارات وعمليات الفحص المختلفة تحت عنوان « المراجعة البيئية». وتزايدت الأبحاث والدراسات وعقد العديد من المؤتمرات التي تنصح بتبني المراجعة البيئية كمطلب أساسي لاستجابة المنظمات للبيئة، فقد أصبح لدى الكثير من الشركات في الدول المتقدمة برامج مراجعة بيئية رسمية مصممة بحيث تقدم لهذه الشركات تأكيداً بأنَّ عملياتها يتم إدارتها طبقاً للمعايير والقوانين الحكومية البيئية وطبقاً للسياسات البيئية للوحدة، وعلى الرغم من أنَّ المراجعة البيئية قد بدأت كأداة للرقابة الداخلية، فإنَّ الحكومات والرأي العام قد أبدت اهتماماً متزايداً بإتاحة نتائج مراجعة البيئة العنصر الخارجي.وثمة اهتمام مماثل باعتماد معايير مراجعة مشتركة بغية كفالة تحقيق نوعية رفيعة من مراجعة البيئة، وانطلاقاً من هذا الفهم للمراجعة في مجال إدارة البيئة ومن ثم كفالة التنمية المستديمة، يتعين أن تشكل مراجعة البيئة جزءاً لا يتجزأ من مسؤوليات أجهزة الرقابة المالية العليا، وكذلك جزء لا يتجزأ من مسؤوليات الجمعيات المهنية للمحاسبة والمراجعة، وذلك للقيام بدور أساسي في الانتقال إلى عالم مستديم بيئياً، إذ أنَّ تبادل الخبرات بين هذه الأجهزة والمنظمات المهنية مفيد بشكل جوهري للأجهزة والمنظمات الراغبة في تحمل هذه المسؤولية.إنَّ موضوع البيئة من أهم المواضيع التي حظيت باهتمام جميع الدول المعاصرة لما لها من تأثير مباشر على صحة وسلامة الإنسان وارتباط مباشر باقتصاديات الدول وبرامجها التنموية، فجميع دول العالم المتقدمة والنامية تسعى جاهدة للمحافظة على البيئة وحمايتها من التلوث والتدهور ورسم السياسات والخطط اللازمة لذلك ومتابعة تنفيذها والرقابة عليها، وذلك في ظل الجهود الإقليمية والدولية للمحافظة على البيئة وصدور العديد من القوانين والتشريعات لحماية البيئة، زاد الاهتمام بالأداء البيئي للوحدات الاقتصادية، وظهرت الحاجة إلى المعلومات التي تعطي صورة كاملة عن مدى وفاء الوحدات الاقتصادية لمسؤولياتها تجاه البيئة وضرورة الإفصاح عن ذلك.وحتى تستطيع المهنة مواكبة الأوضاع الجديدة وتلبية احتياجات المجتمع، كان لا بد من إيجاد وسيلة يتسنى من خلالها لمكاتب المحاسبة والمراجعة التحقق من وفاء الوحدات الاقتصادية ومنظمات الأعمال بمسؤولياتها تجاه حماية البيئة، الأمر الذي أدى إلى توسيع دائرة المراجعة لتشمل الاتجاهات المعاصرة للمراجعة البيئية كأحد الاتجاهات المعاصرة في المراجعة.وفي منطقة الخليج العربي بشكل عام ومملكة البحرين بشكل خاص لا يزال الاهتمام بموضوع المراجعة البيئية ضعيفاً ولا يتناسب مع الجهود التي تبذلها المملكة في المحافظة على البيئة من خلال صدور القوانين والتشريعات الملزمة للشركات والمنشأة بالمحافظة على البيئة، ويعود ذلك لعدم وجود معايير خاصة بمهنة المحاسبة والمراجعة في مملكة البحرين وكذلك غياب دور الهيئات البيئية في تشريع قوانيين ومتطلبات حماية البيئة من الآثار التي تسببها القطاعات الصناعية الكبري تتماشى مع الرؤية الاقتصادية لمملكة البحرين 2030 ولا يوجد تفويض لديوان الرقابة المالية والإدارية من القيام بهذا الدور في المراجعة البيئية، ولكن هناك لجان على مستوى دول الخليج العربي بصدد إصدار معايير محاسـبية ومراجعية خاصـة بدول مجلس التعاون الخليجي، ولا بد لهذه المعايير من أن تتطرق وتنص صراحةً على موضوع المحاسبة والمراجعة البيئية.وإلى حين صدور مثل هذه المعايير تبقى الأمور اجتهادات شخصية من قبل مكاتب المحاسبة والمراجعة العاملة في المملكة معتمدة بذلك في ممارسة المهنة وبشكل خاص المراجعة البيئية-إن وجدت- على المعايير الدولية الناظمة لذلك.كما إن المراجعة البيئية ازداد الاهتمام بها والتشجيع على تبني المنشآت لها في أواخر القرن الماضي، نتيجة صدور العديد من القوانين والتشريعات البيئية والإجراءات التي اتخذتها بعض التنظيمات الحكومية وغير الحكومية المهتمة بالبيئة ومهنة المحاسبة والمراجعة، من خلال الاتجاه العام نحو زيادة الإفصاح والشفافية للجمهور عن الأمور البيئية التي نادت بها العديد من الأبحاث والدراسات في السنوات القليلة الماضية بضرورة إعداد تقرير بيئي عن منظمات الأعمال يشتمل على الأمور البيئية الخاصة بها والفوائد التي يمكن أن تحققها المراجعة البيئية لهذه المنظمات.باحث في العلوم الإدارية والمالية