طالعتنا الصحف منذ فترة بخبر إطلاق مشروع «سعادة» على المشروع التطويري للواجهة البحرية بالمحرق، الذي يقع صوب ساحل الغوص، الخبر كان جميلاً وملفتاً وشعرنا ونحن نقرأ كلماته ونمر على تفاصيله حول إقامة سوق شعبي يرتبط بالساحل عن طريق جسر للمشاة ومرفأ للقوارب، إنه بات أمامنا ماثلاً ومتحققاً على أرض الواقع، حتى وقعت أعيننا على كلمة «فندق» و«ممشى»!! أهم ما نعود لنشدد ونؤكد بل ونلح عليه أهمية أن يراعي المشروع التطويري هذا إيجاد «شاطئ» عام مفتوح يرتاده اهل المحرق، لضمان إعادة العلاقة ما بين المواطن والبحر، نحتاج لشاطئ مفتوح لعامة الناس يمارسون هواياتهم خلاله من صيد و«حداق» وسباحة وغوص وإبحار وغيرها من أمور تعكس تاريخنا العميق مع البحر.المحرق مملوءة بالمماشي التي حجبت عن أهلها الوصول للشواطئ وتتوافر فيها أيضاً الفنادق، ما ينقص أهلها الوصول إلى شاطئ واحد على الأقل يكون متاحاً لهم. ما ينقص المواطن البحريني اليوم ويقلقه حرمانه وسلبه حقه في أن يمارس الحرف والهوايات التي اكتسبها من بيئته البحرية التي عرفه عنها أهل الخليج، هذا البحر الوحيد المتبقي للمحرق، وهو بالذات الذي يرتبط به أهل المحرق ارتباطاً كبيراً لكونه كان ذات يوم نقطة تجارية تفد عليها السفن والمراكب الشراعية للتجارة والتنقل بين دول الخليج، هذا البحر له حكايات وأسرار و«حزاوي» يعرفها كبار السن من أهل المحرق، ممن بقي منهم على قيد الحياة إلى يومنا هذا، هذا البحر متحف تراثي بالنسبة لهم، ولا نود أن يطور بشكل أشبه بما حدث في بقية بحار البحرين التي حولت إلى فنادق يتملكها مستثمرين وتجار وأصبح دخول المواطن إليها بمبالغ مالية.كل شبر من هذا البحر والأرض التي من حوله يجب أن يبقى ملكاً عاماً لأهل المحرق بعيداً عن تسويره تحت ذريعة مشروع استثماري أو تجاري، لتقام المشاريع التجارية ولتملأ مناطق المحرق ولكن بعيداً عن هذه الأرض المتبقية كشاطئ لهم، لقد ألغي من هذه المنطقة مشروع كبير وهام وهو مشروع بناء اكبر جامع يحمل اسم جلالة الملك حفظه الله ورعاه، وكانت المبادرة من جلالته مراعاة لأهل المحرق وعدم حرمانهم من أرضهم، وتلك مبادرة يقدرها أهل المحرق ولا ينسونها لجلالة الملك، فجلالته كان حريصاً أشد الحرص على الحفاظ على هذه الأرض ولا يمكن بعد كل هذا وبعد السجالات والمناقشات الطويلة التي خاضها أهل المحرق مع من كانوا يحتكرونه بصناديق و«عشيش» أن يمنح جزءاً منه لإقامة مشروع فندق! لابد من تطويره بالكامل بما يتماشى مع حقيقة مطالب أهل المحرق وكنا قد اقترحنا مراراً وتكراراً ونعود لتأكيد أهمية أن يقام مشروع خدماتي يعني بإيجاد مجالس شعبية مفتوحة لأهل المحرق، ليعيد شملهم و«جمعتهم»، لابد من مراعاة البعد السياسي والأمني والمجتمعي بالذات لهذا المشروع والنظر إلى مدى أبعد مما هو موجود، الحفاظ على تاريخنا وثقافتنا وهويتنا التي يحاول البعض تغييرها وطمسها وإنكارها، هذا البحر من الواجب عدم منح أي جزء منه لأي مستثمر يتملكه فالفنادق في البحرين كثيرة وموجودة في كل مكان ولا نعتقد أن أهل المحرق بحاجة إلى فندق في هذا المكان بالذات ومن يريد التأكد فليستفتيهم أو يستطلعهم، فرأي فئة مع احترامنا لرأيها لا يعكس بالضرورة حقيقة كل مطالب وتطلعات أهل المحرق. قلناها مراراً ونعود لنؤكد على أن أسوأ ما في أي قضية أن تحاول أن تحرم مواطناً من حرفته أو هوايته التي يعتبرها جزءاً من تاريخه وثقافته وامتداده، جزءاً من ذكرياته وذكريات عائلته ومنطقته، أهل المحرق بالعموم أهل بحر، يحتاجون اليوم لشاطئ عام بدلاً من السيناريو المعتاد تحويل شواطئهم لمماشٍ مسورة بالحجارة والحواجز، يحتاجون لشاطئ يكون مثل الواجهة الثقافية أمام الزوار والسياح، شاطئ يكون عنوان تاريخهم، الجيل الناشئ منهم يحتاج لأن يطلع على هذا التاريخ لا أن يحرم منه ويندثر! تحويل المكان لممشٍ دون شاطئ مفتوح يعني دفن تراث أهل المحرق وتاريخهم، لذلك نتمنى من اللجنة المعنية بتطوير الساحل وضع هذه المطالب بعين الاعتبار!
Opinion
سعادة أهل المحرق في الحفاظ على شاطئهم المتبقي!
21 سبتمبر 2016