موقف المملكة العربية السعودية ودول أخرى من مجلس التعاون الخليجي فيما يخص العلاقة بإيران ثابت ويؤكده المسؤولون الخليجيون في كل مناسبة يستوجب الحديث فيها عن هذا الأمر، فهي ترحب دائماً بعلاقات أفضل مع إيران تقوم على مبادئ علاقات حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الآخرين. لكن هذا الأمر للأسف الشديد لا يتحقق لسبب صار العالم كله يلمسه بكل حواسه وهو أن إيران لا تريد أن تتخلى عن أنشطتها التخريبية والعدائية ولا تتوقف عن دعمها للإرهاب بل تتفنن في صناعته وتصديره. أما النتيجة المنطقية لمثل هذه المعطيات فهي أن العلاقة بين الطرفين ستستمر في التوتر وليس بعيداً أن تتخذ دول التعاون كلها موقفاً واحداً ضد إيران إن استمرت في تعنتها وعنادها وإصرارها على تنصيب نفسها مسؤولة عن الدين والدنيا في كل العالم كما يؤكد على ذلك بعض بنود دستورها.مشكلة إيران أنها كذبت على نفسها وصدقت كذبتها، أقنعت نفسها بأنها رغم كل هذا الذي تقوم به لا تتدخل في شؤون الآخرين وخصوصاً جيرانها وأن كل هذا الذي يقال عنها ليس إلا ادعاءات خليجية المراد منها خدمة أمريكا والصهيونية. كما أقنعت نفسها بأنها الوحيدة التي تربطها علاقة بالصدق وأنها على عكس كل الآخرين تريد الخير لكل العالم. إيران كذبت على نفسها وصدقت كذبتها والآن تريد من الآخرين أن يشاركوها الاعتقاد نفسه. كل ما جاء في المقال الذي كتبه أخيراً وزير خارجية السعودية عادل الجبير والذي نشرته صحيفة «ذي وول ستريت جورنال» الأمريكية عن إيران صحيح بل دقيق، ومع هذا لا يتردد المسؤولون الإيرانيون عن القول إن إيران عكس ذلك. لا يترددون عن مثل هذا القول حتى وهم يدركون أن العالم من حولهم يتمتع بقدرات عالية في السمع والبصر والعقل، وهو ما يؤكد المشكلة التي تعاني منها إيران.إيران تريد أن تقنع العالم -كل العالم- بأن اللون الأزرق الذي تصطبغ به السماء نهاراً ليس أزرق ولكنه أخضر، وأنه كذلك لأن إيران تقول إنه كذلك. وتريد أن تمرر على العالم كله أن كل الذي يقال عنها وعن تدخلها في شؤون الآخرين ليس صحيحاً وأنه كذب محض، وأن ما يراه الناس بأم أعينهم في العراق وسوريا من وجود عسكري إيراني على الأرض ليس إلا نتيجة غبش على عيونهم يمنعهم من التفريق بين الجنود الإيرانيين وغيرهم. تقول ذلك حتى بعد أن اعترف حسن نصر الله بأن كل مصروفات الحزب وأسلحته تأتي من إيران، وهو ما ظلت إيران تنكره لأكثر من ثلاثين عاماً. لا يمكن أن تقوم العلاقات بين الدول وخصوصاً الجيران منها في ظل حال كهذه لأن الكذب الذي تمارسه إيران يؤدي إلى غياب الثقة، فلا يمكن للدول أن تثق في دولة لا تكتفي بعدم فعل ما تقول فقط وما تتعهد به ولكنها لا تتردد حتى عن القول بأن ما قالته لم تقله وإن التسجيلات التي بصوتها ليست بصوتها وإن من يقول ذلك يعاني من الوهم. مقالة الجبير التي «غسل بها شراع إيران» كانت واضحة ومعبرة عن الواقع، شرح عبرها الحالة وشخص الداء ووصف الدواء، والكرة الآن في ملعب إيران، وعليها أن تختار بين الاستمرار في السير في الطريق الذي لا يأتي منه الخير ويزيد من الفجوة بينها وبين الآخرين، وبين مراجعة نفسها والقيام بعمل ما يعين على إعادة الثقة بينها وبينهم وخصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي.كان مفتي موريتانيا قد حذر أخيراً من المد الإيراني في بلاده وقال إن «تصدير الثورة» مشروع إيراني جاد وليس «لعبة سياسية» تتسلى بها إيران.