الرأي

استراحتي المفضلة

رسائل حب



وصلتني هذه الرسالة من الأستاذ العزيز محمود محمد عبدالغفار حفظه الله وأسبغ عليه نعمة الصحة والعافية وطول العمر، وذلك تعقيباً على مقال الأسبوع الماضي، وأنشرها هنا كما وصلتني لما تضمنته من معانٍ مكملة لهذه الشخصية القديرة، يقول في الرسالة:
«أشكرك على أريحيتك ومشاعرك الإنسانية وحسن تربيتك، ووفائك لمن احتفظت بصداقتهم ومعرفتهم في مسيرة حياتك المباركة، وحفرت أسماءهم في ذاكرتك، وحين يتذكرك الأصحاب والخلان الذين يستظلون معك ظلال الإيمان والمسجد والقرآن والتناصح والتزاور في الله، تشعر بمعنى الحياة والوجود في هذا الكون، وتغشاك نسمات الفرح والبهجة، وتشكر الله وتحمده أن أنعم عليك وهداك إلى رفقة الصالحين الذين يدلونك على الخير ويعينونك عليه. فهذه المقدمة التي سطرتها في ردي على مقالك الجميل هي تشغلني وتهمني أكثر من أي شيء آخر.. حقيقة أنا ربحت كثيراً من صحبتكم واستفدت من تجاربكم والسفر معكم، ولا غرابة في ذلك فالتلميذ الفطن والنبيه يتفوق على معلمه.. نسأله تعالى أن يديم علينا نعمة الصحبة الصالحة والطيبة، وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم، بعيداً عن السمعة والرياء، ودمتم ذخراً ونبعاً في العطاء والخير لإخوانكم وقراء زاويتكم المباركة، ورحم الله والديك.. المخلص لكم: محمود».
مع فتن الدنيا وابتلاءاتها لا يملك المرء إلا أن يتحصن بمنهج الله القويم، ويرتمي في أحضان الإيمان وطاعة الرحمن، ويبتعد عن سفاسف الأمور، ويتعلق قلبه بربه ويحرص على مرضاته في كل حين.. مع كثرة الفتن وتسارع الأيام ومفاجآتها.. لا يملك المرء إلا أن يحذر من توافه الحياة ومشغلات النفس الكثيرة، ويحرص على صلاته وقراءة كتاب ربه، ويلتزم بصحبة الصالحين، ويعود لسانه على ذكر الله.. فالحياة ظل زائل تنتهي في موعد يباغتك بلا استئذان.
بعض بيئات العمل الناجحة والتي تتوفر فيها مقومات الجودة واستثمار كفاءات الموارد البشرية، تجدها بيئات محفزة للإبداع والإنتاج لوجود طاقات همها الأول أن تنتج من أجل مرضاة ربها ورفعة وطنها.. مثل هذه البيئات تحتاج إلى رعاية وتنمية ودعم كبير من الإدارة العليا للمؤسسات حتى تستطيع أن تحقق أهدافها المرجوة ورؤاها على المدى البعيد.
تحتاج مؤسساتنا اليوم إلى إعادة النظر في منظومة قيمها وأسس عملها، فضلاً عن الحاجة إلى صياغة إطار واضح يحقق استقلالية العمل المؤسسي المبني على المهام والأدوار الواضحة، وقوة الدليل الإجرائي الذي يمكن الجميع العمل بأسلوب متميز وفق رؤية واحدة لا تعتمد على الأفراد، بل تعتمد على متانة الأنظمة وقدرة القيادة على مسك زمام الأمور ونضج فكرها الإداري.. ولعل أهم القيم التي يجب أن تخطها مؤسساتنا قيم الأمانة والسمعة.. التي تجعل الجميع يحافظ على قدسية المكان الذي يعمل به، وأمانة المسؤولية التي كلف بها ويتقاضى من ورائها الأجر الدنيوي.. لأننا نعيش -مع الأسف الشديد- في زمان أضحى البعض فيه يعمل لأجل تحقيق مصالحه الشخصية خارج العمل، والتشهير بأي هنات أو زلات تقع في ميدان العمل!!
نعايش بعض العقول العاملة في مؤسساتنا التي لا هم لها إلا الاصطياد في الماء العكر، ولا هم لها إلا القيل والقال والنقد اللاذع للآخرين ولأنظمة المؤسسة التي يعملون بها، في الوقت الذي لا تراهم فيه أصحاب بصمات مؤثرة أو عطاء زاخر، بل يعملون بأسلوب أكل عليه الدهر وشرب، وبجهد متراخٍ لا يتناسب ومنظومة العمل.. وبأقل درجات الاحترام الوظيفي مع المسؤولين وبقية الموظفين.. ناهيك عن «السلبية المميتة» التي تتعامل ضمن إطارها، من خلال بث روح السلبية في مجموعات العمل والتحريض والنيل من نجاحات الآخرين.. هذه العقول بحاجة إلى إعادة نظر في تقدير حجمها، ولتراجع أسلوبها أولاً قبل أن تحكم على الآخرين..
إن الدعوة إلى استغلال قدرات الطاقات الشبابية يحتاج معها الإيمان الكامل بأهمية تشابك الخبرات وتدوير المهام وترابط الأجيال، الأمر الذي يحقق النجاح المتمكن في الأعمال، ويدفعها إلى تحقيق أهدافها المرجوة، وتدريب الطاقات الشبابية لتحمل زمام المسؤولية في المستقبل.. أما الدفع بالطاقات بلا خبرة ميدانية، فهو يقضي بالكامل على الطموحات، وينشئ لدينا قادة لا يقبلون العمل بروح الأسرة الواحدة التي تتنوع فيها الخبرات والأفكار، وتختلف الرؤى التي تحدد مصير النجاح المرجو.
إذا أردت أن تحقق الفوز في ميدان السباق فعليك أن تتسلح بأسلحة تعينك على الفوز وبجدارة.. من أهمها: الإخلاص، وإحسان الظن، والإيجابية، والمبادرة، والإنجاز المتقن، والعطاء بلا حدود.. حينها أنت فائز بلا منازع..
تمكنت محبتي لك يا أخي الحبيب.. كم أشتاق لأيام الذكريات التي جمعتنا على أعتاب الشوق والعطاء.. كم أشتاق لجمال روحك وسلامة صدرك ونقاء قلبك.. كم أشتاق لتلك الومضات الجميلة التي مازالت تنير لي مساحات الحياة.. لعلك اليوم تعتب علي بأني لم أتمكن من المضي قدماً معك في طريق كنا قد رسمناه معاً في لحظة من لحظات الماضي الجميل.. لعلك تعاتبني كلما لمحت اسمي في هاتفك لغيابي عن شواهد حياتك.. فليس تعمداً أن أبتعد عنك.. أو أن أنسل من خيوط مشاعر الحب التي تجمعنا.. بل هي الحياة التي أرغمتنا أن نبتعد عن أطياف العشق والمحبة.. أبعدتنا لأن جوهر الحياة لم يعد كالسابق، فهي قد انتقلت إلى جفاف عاطفي بين، قضى على كل ملامح الحب الذي يجمعنا.. ليس تشاؤماً بقدر ما هو واقع معاش يعيشه البعض.. عذراً أخي ستظل ذكرياتك تسري في عروق الحب.. وسأظل القلب الحاني الذي يلم محبيه أبداً ما حييت..
* ومضة أمل:
تضطر أن تحزم حقائبك لمغادرة تلك البيئة الجميلة التي علمتك الكثير وأعطيتها من عرق جبينك، وبصمت فيها أجمل البصمات.. تضطر أن تغادرها لأنها لم تعد البيئة التي فهمت أسلوبك بصورة صحيحة، ورفعت من قدر عطائك.. بل وخزت في جسدك وخزات الألم والجحود والنكران!!