أسبوع واحد فقط يفصلنا عن العام الهجري الجديد ودخول شهر محرم، وهو ما يعني باللغة السائدة هنا منذ خمس سنوات ونيف أننا مقبلون على مشروع قلق جديد يؤرقنا، حيث يمكن بسبب ما صرنا فيه أن يرتكب بعض من لا يمتلك القدرة على تقدير الأمور ويعاني من غياب الأفق حماقة تزيد من الشرخ الحاصل فيدخل الوطن في نفق جديد أكثر طولاً من الذي لايزال فيه ولكن مع اختلاف بسيط هو أنه لا يمكن الخروج منه، إلا أن يشاء الله سبحانه. مثل هذه المناسبة ينتظرها ذلك البعض ومن يقف خلفه بشغف شديد، والأكيد أنهم خططوا كي يستفيدوا منها جيداً، والأكيد أيضاً أنهم سيسعون للاستفادة من التطورات الأخيرة والتي منها تأييد محكمة الاستئناف لقرار إغلاق جمعية «الوفاق» وغيرها من أمور تم إخضاعها للتفسيرات الطائفية. سيفعلون كل ذلك طبعاً من دون أي مراعاة للجمهور الذي يمكن أن يتضرر ويعاني، وهو ما تأكد في السنوات السابقة التي لولا تمكن الجهات المعنية بالدولة من ضبط الأمور فيها لحصل ما لا يحمد عقباه في مثل هذه المناسبة.طبعاً -لمن لا يعرف- ستقوم الحكومة بواجبها لخدمة المعزين والمواكب الحسينية كما في كل عام بالتحضير والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة بغية تهيئة الظروف المعينة على ضمان موسم عاشورائي خالياً من المشاكل، يتمكن فيه المعزون من الوفاء بالتزامهم بالشكل الذي يتمنونه. وقد بدأت المحافظات منذ وقت مبكر اجتماعاتها مع ذوي العلاقة للتحضير لموسم هذا العام ولتوفير أقصى درجات الأمن والأمان للجميع، وهو ما ينبغي أن يقدر من قبل الجميع أيضاً ويقابل بتعاون غير محدود، وأول صور التعاون هي التوقف عن تلك الأعمال التي تعود ذلك البعض على ممارستها حتى في الأعياد، ذلك أن مناسبة عاشوراء تختلف عن مناسبات كثيرة ولا تحتمل التصرفات الطائشة والحماقات مهما كانت صغيرة، فلا مكان فيها لتصرفات المراهقين ولا للقرارات المراهقة ولا للعناد أو التجاوزات وإن كانت غير مقصودة، وهذا يعني أن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق أصحاب المآتم والمسؤولين فيها والذين بيدهم أن يضبطوا -بالتعاون مع الجهات الرسمية المختصة- الكثير من الأمور ويصدوا كل من يحاول أن يستفيد من هذه المناسبة لأهدافه الخاصة وخدمة أجندته.ولكن، لماذا لا يتم استغلال هذه المناسبة لتوفير مثال على حسن النية يقابل بمثال آخر توفره الحكومة فيكون المثالان بداية الطريق لحل المشكلة برمتها؟ لماذا لا يعتبر المعنيون هذه المناسبة فرصة ويستغلونها لحل المشكلة من خلال التعاون الواضح مع الحكومة للظفر بموسم عاشورائي مميز خصوصاً مع كل هذه الخدمات والتسهيلات التي توفرها الحكومة لخدمة المعزين؟ اتخاذ قرار كهذا لن يكلف شيئاً لكنه دونما شك يحتاج إلى جرأة، فهل يمتلكونها؟واقع الحال يؤكد أن مثل هذا القرار صعب، ولا يمكن أن يجد قبولاً من قبل ذلك البعض حتى لو صدر من أعلى المستويات، فمناسبة عاشوراء بالنسبة لذلك البعض فرصة لا تأتي إلا مرة واحدة في العام يتوفر فيها كل ما يسهل توصيل الرسائل والشحن والتحريض، وبالتالي ينبغي عدم هدرها والاستفادة منها إلى أقصى حد ممكن حتى وإن تسبب ذلك في خلق مشكلات جديدة وأدى إلى تضرر المشاركين في المواكب الحسينية.موسم عاشوراء هذا العام أكثر حساسية من المواسم السابقة وأكثر إثارة للقلق، واحتمال حدوث المشكلات فيه وارد بقوة للأسباب التي يعلمها الجميع، لذا فإن على العقلاء ممن يهمهم نجاحه العمل بقوة على منع استغلاله لخدمة أغراض سياسية وأجندات حزبية تنتج مزيداً من التعقيد ومزيداً من الحساسية، ومزيداً من الآلام والقلق.