من يتابع مؤشرات الأداء الدولية، ومؤشرات القياس في مختلف المجالات سيلاحظ حجم تفوق البحرين في عديد من الجوانب، وهو تفوّق لم يظهر عبثاً، بل جاء نتيجة عمل القطاعين العام والخاص على مدى سنوات طويلة. رغم تلك المؤشرات، مازال الكثير من البحرينيين ينظرون لأداء حكومتهم، أو مستوى بلدهم في عدد من القطاعات بأنه متواضع. لماذا تظهر مثل هذه المعادلة غير العادلة؟هناك جانبان في هذه المسألة، فكثير من المواطنين اعتاد على مزاج السخط وعدم القناعة وصار لديه هوس بالمقارنة، مقارنة القريب قبل البعيد. إضافة إلى ذلك فإن هناك شريحة منهم تعمل باهتمام بالغ على التقليل من أي إنجازات يمكن أن تحققها الدولة باعتبارها تدار من قبل حكومة لا تتمتع بالكفاءة ويجب أن تنسب الإنجازات لمن يرغب في تغيير نظامها السياسي مستقبلاً. تلك المعادلة كانت سائدة قبل المحاولة الانقلابية في 2011، واستمرت إلى اليوم. الحكومة لم تبد اهتماماً بمعالجتها، أو اتخاذ قرارات لتدشين حملة لتغيير ثقافة المواطنين، وسبب ذلك كلفتها واستغراق تنفيذها فترة زمنية طويلة، وعدم قناعة بعض المسؤولين بها من الأساس. البحرين في المؤشرات الدولية.. مؤشرات قياس رغم التباين والاختلاف حول دقتها، إلا أنها تعطينا مؤشرات ملموسة، وتعرفنا على مساراتنا خلال الفترة الماضية والراهنة، وتحديد المطلوب للقيام به للتطوير. وهو يتجاوز ظاهرة الاحتفاء التي تلجأ إليها الوزارات والأجهزة الحكومية المختلفة ببيانات صحافية قد تنشر مع تصريحات لبعض المسؤولين. قصتنا مع المؤشرات الدولية أنها تعلمنا حجم التقصير في تكوين الصور الذهنية، والحفاظ على سمعة الدولة البحرينية وإنجازاتها. لأنه يتم التعامل معها كأنها أرقام للاحتفال، لا أرقام تعكس حجم الإنجاز أو التقصير. عندما أعلنت الحكومة برنامج عملها طالب بعض أعضاء السلطة التشريعية بتحديد مؤشرات أداء قادرة على قياس أداء الحكومة في تنفيذ هذا البرنامج. لكن الحكومة أكدت أن لديها مثل هذه المؤشرات، وأنها ستكتفي بها لاستخداماتها، وهو ما قامت به، حيث تحرص على الإعلان عن مثل هذه المؤشرات بعد اجتماعات حكومية من وقت لآخر. حتى الآن لاتوجد مؤشرات قياس وطنية واضحة، قادرة على قياس أداء الحكومة، والقطاع الخاص، بأيدي وطنية، بدلاً من الاعتماد على مؤشرات القياس والأداء الصادرة عن الحكومات الأجنبية، والمنظمات الدولية. أهمية هذه المؤشرات معروفة، وبإمكانها مساعدة البحرينيين على فهم وبلورة القدرة على الإنجاز، خصوصاً في ظل وجود أهداف إستراتيجية جديدة تم الإعلان عنها مؤخراً.