«جاكم الذيب».. الكلمة التي اعتدنا سماعها من أغلب السياسيين والعسكريين وفحول المحللين، فإذا بـ»الذيب» صورة شبحية في فقاعة صابون..!! حتى لم يعد لها وقع لدى صانع القرار السياسي وبعض التنفيذيين رفيعي المستوى. ولهذا لم نلقِ السمع لصافرة إنذار جلية في ظل فوضى تدبيج التحليلات بالباطل التي تسود مشهدنا السياسي الخليجي العام لأكثر من نصف عقد ماضٍ.لم نقف بجدية وتمحيص للحقائق التي ساقها وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد للألباب الخليجية، منذ فترة طويلة، فيما يتعلق بالواقع العراقي ومجرياته، لقد كان «بن زايد» أول من عجّم المشهد ونقّط حروفه، بوعيه المبكر لأن ما يجري في العراق له محركات إيرانية خفية، وإدراكه التام بصدد التحول العراقي إلى امتداد إيراني من ناحية العرب بفضل جهود حكومة العراق الحالية. لقد كان «بن زايد» أقوى من حذّر من خطر «الحشد الشعبي» منذ زمن، وقد صدقت توقعاته لتتلاشى كل مفاهيمنا حول شبحية «الذيب» وفقاعته الصابونية في المنطقة، يتجلى ذلك اليوم في السعي الدؤوب لـ»الحشد الشعبي» لاستصدار حصانته قانونياً، حتى لا يجرّم فيما ارتكبه من جرائر بحق المكون السني العراقي، وهو ما سيحوله إلى «وحش شعبي»..!!كان عبدالله بن زايد أول من أخبر أن العملية السياسية في العراق لا تجري لصالح المكون السني هناك، إذ يجري عزلهم وترحيلهم من مناطقهم، في تغيير بيّن للخريطة الديمغرافية ببعض المدن، ومحاولة تحويل السنة إلى مجموعات ريفية زراعية منعزلة ومتخلفة، نأياً بها عن الواقع السياسي وأدواته.لطالما حذّر «بن زايد» من انعكاسات ما يجري في العراق على الخليج العربي، لاسيما في ظل الإقرار بأن موقف حكومتي «العبادي» و»المالكي» بالعراق مناوئان للموقف الخليجي في أكثر من مشهد ابتداءً بالجانب الإيراني المباشر، مروراً بالوضع في سوريا واليمن، وامتداداً إلى ما يقتصر علمه على ربي وستكشفه قادم الأيام. ولم ينجلِ الغموض الذي أحاط بالمشهد العراقي وتبعاته لسنوات مضت إلا على حدود الخليج العربي، لنقرأ بوضوح حقيقة التهديدات الأمنية التي يشكلها «العراق الجديد» على الخليج العربي. * اختلاج النبض:لقد أثبتت متابعتنا لـ»عبدالله بن زايد» صدق رهانه، وإثبات نظرته الاستشرافية عندما حذّر من تشكل جناح سياسي ترفرف به الحكومة العراقية في سماء الخليج قهراً بأمر الأرباب الإيرانيين، وتشكل جناح آخر عسكري يقوده «الوحش الشعبي» الذي لا يعدو على كونه ميليشيا إيرانية كمثيلاتها من الأذرع العسكرية في سوريا واليمن.
Opinion
عبدالله بن زايد و«الوحش الشعبي»
26 سبتمبر 2016