قبل أن أطبق شفتي تسللت قسراً شظايا من لعنة شعبية خليجية «لابوكم لابوقانو..»، ثم أكملتها حين صفق أعضاء الكونجرس الأمريكي - في حالة نادرة - بعد المجزرة التشريعية التي نتج عنها بالإجماع «قانون العدالة بحق رعاة الإرهاب»Justice Against Sponsors of Terrorism Act (JASTA)، والذي يتيح لأفراد أسر ضحايا العمليات الإرهابية المنفذة من قبل تنظيمات إرهابية دولية مقاضاة حكومات البلدان التي قدمت دعماً لها.وما يلفت الانتباه هو مصفوفة التنديد دولياً بالقانون، لكن ما أقلقني هو ضعف ذاكرة من وصف القانون بـ «غير المسبوق في تاريخ العلاقات الدولية»، فالعصر الإمبراطوري الأمريكي مثخن بالتجاوزات التشريعية الأمريكية، ففي عقود لم تذهب عنا بعيداً صدر قانون وضع القوات الأمريكية في الخارج «A status of forces agreement «SOFA ومن خلاله لم يفر من القصاص جندي أمريكي غر قتل في حالة ارتباك أم وطفلها في ولاية قندهار، بل أفلت عبر هذا القانون الجائر مجرمي «بلاك ووتر» الذي قتلوا من المدنيين العراقيين آلاف الأبرياء. كما أن هناك قانوناً يؤكد حماية الجنود الأمريكيين من المحاكمة على جرائم حرب أمام أي محكمة دولية، وهو قانون «American Service Members Protection Act «ASPA مما يثبت أن واقع السياسة الخارجية الأمريكية الفعلي هو تشريع غطرستها الإمبراطورية، وأن العدالة عبر القيم الديمقراطية ما هي إلا لحظة مؤقتة واستثنائية في أحد أفلام هوليوود.وبعكس العالم العربي، تمر التشريعات الأمريكية على دول العالم دون أن يلتفتوا لها لا بالحب ولا بالكراهية. فقد سمح المُشرّع الأمريكي منذ سنوات بمقاضاة الدول الإرهابية أمام القضاء الأمريكي، لكن الرياض والعواصم الخليجية ليست على تلك القائمة التي ضمت عرباً، لذا كان لابد من سد الفراغ التشريعي عبر مصطلحات ذرائعية صكتها ونمقتها ووظفتها للتغطية على هدفها النهائي بهذا القانون ليس لابتزاز السعودية فحسب بل كل دول الخليج، ولكم أن تعدوا كم إرهابي خليجي اعترض رتل أمريكي، أو فجر نفسه فيهم في العراق. فهل سنصمد وحدنا أمام هذا القانون لو أرادت واشنطن التوسع وجعل مجلس الأمن أداة لتنفيذه؟* بالعجمي الفصيح:لقد قيل إن من فساد القراءة السياسية أن تؤخذ تصريحات ملتبسة من المسؤولين الأمريكيين، فكيف إذا كان عدوانهم القادم بقانون لن يستطيع أوباما وبيده «فيتو» هزيل أن يوقفه؟!* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج