حقيقتان تناولهما وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة في كلمته التي ألقاها الخميس الماضي في حضور حشد من المواطنين، يمثلون مختلف شرائح المجتمع البحريني، من المهم أن ينتبه إليهما شعب البحرين جيداً، ويعرف من خلالهما ما يراد لهذا الوطن، الأولى هي أن ملف «أوضاع حقوق الإنسان» صار سبباً للتدخل في شؤون الدول، والثانية هي أنه لتحقيق ذلك الأمر يعمل إعلام أولئك على إشاعة أقوال من قبيل أن «المسؤولين في هذه الدول لا يخافون الله ويظلمون الناس». أما تعليق الوزير على تلكما الحقيقتين فجاء في عبارات هادئة كهدوئه ملخصها «أننا مؤمنون، نخاف الله، ومن يخاف الله لا يظلم الناس، بل يكون لهم نصيراً ومعيناً».ما حدث طوال الفترة الماضية الممتدة من الرابع عشر من فبراير 2011 هو أن ذلك البعض الذي لم يتمكن من تحقيق أهدافه ومراميه ظل ينشر تلك المعلومات الناقصة عن البحرين في محاولة مكشوفة لتشويه السمعة وتوفير المبرر لتدخل المنظمات الحقوقية والاستفادة من ثم من أي نجاح تحققه، وهذا ما يسهل تبينه من متابعة بسيطة لما تبثه الفضائيات «السوسة»، الإيرانية وغير الإيرانية، التي تم توجيهها للتركيز على هذا الأمر فلم تخل برامجها من أقوال من قبيل أن هذا النظام ظالم ولا يخاف الله وأن الإنسانية تحتم الانتصار للمظلوم بدعوة المنظمات الحقوقية للتدخل. هذا الأمر يتأكد تماماً بمتابعة بسيطة أيضاً لما يجري في جنيف بصفة خاصة.ما ينبغي أن يعلمه الناس أيضاً ويتأكدوا منه هو أن المنظمات الحقوقية ليست إلا أدوات في يد دول وحكومات همها الابتزاز، فليس أسهل من تحقيق المكاسب من هذا الطريق، وليس أسهل من هذا الطريق لإضعاف الدول والقول إنها فاشلة وأن الوقت قد حان لإتاحة الفرصة لـ «المظلومين» ليحكموا ويديروا.هذا ليس ادعاء، ولكنه للأسف حقيقة يؤكدها الواقع وتؤكدها ممارسات ذلك البعض ومن يقف خلفه ويوجهه، وما جرى خلال الأيام الماضية في جنيف يؤكد هذا ويؤكد أيضا أن مثل هذا الأسلوب ينطلي حتى على ذوي الخبرة، فيسارعوا إلى الإدلاء بتصريحات سالبة من دون أن يكلفوا أنفسهم معرفة الحقيقة عبر التواصل مع المعنيين.ما ينبغي أن يعلمه الناس أيضا و»الحقوقيون» منهم بشكل خاص، هو أن كل الإجراءات التي اتبعتها البحرين منذ بدء محاولات زعزعة النظام فيها بنشر أعمال العنف والتخريب ارتكزت إلى الدستور، وأن كل الأحكام التي تصدر لا تخرج عن إطار القانون، ولولا هذا لكان موقف البحرين ضعيفاً في كل المحافل، ولما اقتنع العالم بما تقوله ولنبذتها الدول، ولتعاونت على التخلص منها.المنظمات الحقوقية «لعبة ذكية» تمارسها اليوم العديد من الدول أملاً في السيطرة على دول أخرى وابتزازها، ويكفي لتحقيق ذلك نشر بعض الإشاعات وتوفير بعض الأخبار الناقصة - والتي للأسف يقبلها البعض من دون أن يتأكد من صحتها - وتوفير المعلومات المغلوطة للمعنيين بملف حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.هذا الذي تقوم به تلك الدول وتلك المنظمات وذلك البعض ينطلق من الاعتقاد بأن «العيار اللي ما يصيبش يدوش»، وأن الاستمرار في إطلاق هذا النوع من الأعيرة ومن دون توقف من شأنه أن يؤدي إلى اقتناع الناس في كل مكان بأن هذا النظام ظالم، وأن ذلك البعض مظلوم وأن الإنسانية تحتم مناصرة ومساعدة «المستضعفين»، ولو بأضعف الإيمان.حتى الآن لم تنجح كل تلك المحاولات لإظهار النظام على الصورة التي أرادوا إظهارها للعالم، والأكيد أنها لن تنجح، لكن الأمر يتطلب أيضاً الكثير من الانتباه والوقوف صفاً واحداً في مواجهة كل تلك المحاولات التي من الواضح أنها لن تتوقف.
Opinion
وزير الداخلية و«اللعبة الذكية»
02 أكتوبر 2016