في حقبة «الغزوات الأمريكية» القائمة على الأكاذيب، وأعني حقبة جورج بوش الابن، أطلقت الإدارة الأمريكية شعاراً لمكافحة الإرهاب مفاده «إن لم تكن معنا فأنت ضدنا». وبموجب هذا الشعار تم غزو العراق وأفغانستان، وتمت عملية توطين الجنود الأمريكان في منطقة الشرق الأوسط بحجة التعاون العسكري وتأمين الحماية والمساعدة للحلفاء، طبعاً لا تنسوا نفط العراق الذي تم نهبه وابتلاعه. كل هذا تم بذريعة اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر، والملاحظ للتداعيات التاريخية سيكتشف أن أمريكا هي المستفيد الأكبر من هذه الأحداث الإرهابية التي ضربتها، وليس تنظيم القاعدة، ولا حتى أعتى أعداء الولايات المتحدة. كما الطفل المتعلق بلعبته حتى لو أكل الدهر عليها وشرب، وأصبح لعبة بالية، اتخذ صناع القرار الأمريكي أحداث الحادي عشر من سبتمبر ذريعة أو شماعة يلقون عليها كل شيء، وبموجبها يبررون فعل أي شيء، وبالتالي تحولت أمريكا لأكبر دولة تمارس التعذيب الممنهج بحق معتقلين يتم اقتيادهم لمعتقل «غوانتنامو» بحجة الاشتباه بضلوعهم في ممارسة الإرهاب أو دعمه. اليوم ورغم مضي حقبة جورج بوش «السيئة»، تبدأ الولايات المتحدة فصلاً «أسود» آخر، هو يأتي كآخر إنجازات حقبة باراك أوباما «الأشد سوءاً»، وذلك عبر إقرار قانون أقل ما يمكن وصفه بأنه «قانون إرهاب أمريكي» من خلاله يتم استهداف أياً كان، وبأي ذريعة، فقط أن تكون التهمة مرتكزة على كراهية أمريكا. العجز المالي الكبير بالتريليونات واضح بأن صناع السياسة الاقتصادية الفاشلة في أمريكا، يريدون أن يسدوا جزءاً منه من الأموال السعودية، وبالتالي فإن «قانون جاستا» أقل ما يوصف به بأنه «قانون قذر» هدفه «الابتزاز المالي»، ولا علاقة له أصلاً في إنصاف البشر وإحقاق الحقوق بشأن الاعتداءات، إذ أصلاً ما علاقة السعودية كدولة بكل ما يحصل؟!مثلما قلنا بأن إقرار القانون سيجر ويلات على الولايات المتحدة وعلاقاتها بحلفائها في العالم العربي والإسلامي، وها هي «نيويورك تايمز» تكشف عن «ضجة» حاصلة في أروقة الكونغرس من قبل أعضاء، هالهم على ما يبدو رد الفعل السعودي وحتى الدولي بشأن إقرار القانون، وبدؤوا بإرسال مؤشرات تفيد بأنهم تسرعوا في قرارهم، وأن هناك مساحة لإعادة مراجعة القرار، بل الأسخف من ذلك قام بعضهم بلوم أوباما نفسه كون الأخير لم يشرح لهم تداعيات القرار، رغم أنه استخدم «الفيتو» ضد ذلك. عموماً، محور الشر الجديد المتمثل في إيران والولايات المتحدة بسياستها المفضوحة تجاه العرب والسعودية على وجه الخصوص بانت ملامحه، ففي الوقت الذي يلقي فيه أوباما خطاباً بطريقة وداعية لقرب قضاء أيامه في «البيت الأبيض» يكشف فيه مسوغات سياسة إدارته وكيف أن السعودية بالفعل كانت ومازالت هدفاً من المهم إضعافه، نجد أن إيران بدأت مهاجمة السعودية في الملفات المرتبطة بقانون «جاستا»، حيث قال قائد القوات المسلحة الإيراني حسين دهقان إن «السعودية تدعم «التكفيريين»، متغافلاً عن الحقيقة التي تقول إن إيران هي أكبر دولة تدعم «الإرهابيين» و»القتلة» و»الجزارين». عموماً، المجتمع الدولي يترقب الخطوات السعودية التي ستتخذ رداً على القانون، مع وجود ردات فعل دولية صدرت من اليابان وغيرها بشأن معاملة أمريكا بالمثل، والمطالبة بتعويضات لضحايا القنابل الذرية. يأتي الحديث عن ربط الريال السعودي باليوان الصيني تمهيداً لفك الارتباط بالدولار الأمريكي، كأول المؤشرات التي قد تؤثر بقوة في الاقتصاد الأمريكي، لكن الضربة الأقوى ستكون كما بينها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في يونيو الماضي وفي مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الأمريكية تحديداً، حينما قال إنه رداً على سن القانون ستقوم السعودية ببيع أصول لها في الداخل الأمريكي، مبيناً أن الولايات المتحدة ستكون «الخاسر الأكبر» من هذه العملية، إذ تبلغ الأصول السعودية بين 700 مليار إلى تريليون دولار. إضافة لما كشفت عنه تقارير المالية الأمريكية التي تبين أن السعودية في المرتبة الخامسة عشرة من حيث امتلاكها لسندات الخزانة الأمريكية بواقع 97 مليار دولار. طبعاً هذه خطوات على الصعيد الاقتصادي، ويظل الحديث عن الخطوات التي يمكن اتخاذها على الصعيد السياسي والدبلوماسي والتعاون العسكري متشعباً ويحتاج لوقفات أطول. اليوم أمريكا تمارس الإرهاب السياسي بهدف الابتزاز المالي، بوجه فاضح وفج، لكن ردات فعل أعضاء الكونغرس المتخوفة من القرار تبين بوضوح، بأن السعودية ليست الطرف الأضعف الذي يمكن اللعب معه بسهولة.