منحت منظمة «3 C» الأمريكية جائزة «الإنجاز مدى الحياة»، لحضرة صاحب الجلالة، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، لما يبذله من جهود من أجل التنمية الشاملة والمتكاملة في الكثير من القطاعات ولما اتسم به منذ بداية حكمه من انفتاح سياسي على العالم وانفتاح اقتصادي، وبخاصة توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين البحرين والولايات المتحدة عام 2005، وتطوير الاقتصاد في المجالات العديدة، وبخاصة مجال الاتصالات وحريتها ومجال الرعاية الطبية وبناء المستشفيات وفي مقدمتها مستشفى الملك حمد الجامعي، مما يرفع من مكانة المواطن البحريني، وحصوله على أرقى رعاية صحية، وهذا ساعد في جعل البحرين في المكانة الأولى في التنمية البشرية. ومن أبرز معالم سياسة جلالة الملك حمد الانفتاح على جميع الثقافات والأديان واحترامها وتعزيز قيم التسامح والتعايش، وفي هذا السياق عقدت في البحرين العديد من المؤتمرات الدولية التي جمعت مختلف الأديان والطوائف والعقائد التي تمارس شعائرها بحرية تامة. ومن الجدير بالذكر أن مستشفى الإرسالية الأمريكية التي تأسست منذ أكثر من مائة عام، كانت من الإنجازات الواضحة في علاقات الولايات المتحدة بالبحرين، وهو ما يؤكد أن التعايش والتسامح والاهتمام برعاية المواطن هو ركيزة أساسية في العلاقات الأمريكية البحرينية.ونسوق عدداً من الملاحظات ذات الصلة بهذه الحدث المهم بمنح جلالته جائزة «الإنجاز مدى الحياة» من منظمة «C 3» الأمريكية، وهي:* الملاحظة الأولى: إن جلالة الملك حصل على العديد من الجوائز في الإطارين العربي والدولي ومن بينهما جائزة حرية الصحافة منذ حوالي ثلاث سنوات وغيرها. * الملاحظة الثانية: هي تخصيص جلالته جائزة في إطار «منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة - اليونسكو»، للشخصية التي تحقق إنجازات كبيرة في هذا الصدد وتمنحها «اليونسكو» كل عام، وهو ما يؤكد اهتمام جلالته بالتربية والتعليم والثقافة. وهذا تأكيد من جلالته لإيمانه بمبادئ «اليونسكو»، وخاصة ما جاء في ميثاق المنظمة في ديباجته «إن الحرب تنبع من عقول البشر وفي عقول البشر يجب بِناء حصون السلام»، ومن هنا فإن هذه الجائزة تحمل دلالات ثلاثاً رئيسة وهي اهتمام الملك حمد بن عيسى آل خليفة بالثقافة والتعليم والسلام وهي الركائز الثلاث لبناء الأمم ومن هنا قال الشاعر العربي:قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا* الملاحظة الثالثة: إن الذي حمل الجائزة وقدمها لمعالي وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة هو الدكتور هنري كسينجر، وزير الخارجية الأمريكي السابق، والذي لعب دوراً كبيراً في السياسة العالمية، وانفتاح الولايات المتحدة على الصين، كما أنه اضطلع بدور مهم في بِناء السلام في الشرق الأوسط. وهذا السلام يرتكز على أعمدة ثلاثة، الأول، إقامة الدولة الفلسطينية كما في مباحثات الحكم الذاتي بين مصر وإسرائيل والتي للأسف أحبطتها القوى ضيقة الأفق في العالم العربي، ولو كانت سارت مع نهج الرئيس المصري الراحل أنور السادات لكانت الدولة الفلسطينية تحققت. والثاني، هو احترام حقوق العرب والمسلمين في القدس الشريف، ومن هنا فإن مباحثات كامب ديفيد بين الرئيس الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء السابق إيهود باراك، والرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، كادت تصل بنا إلى الغاية المنشودة ولكن ضيق الأفق الإستراتيجي العربي وعدم إدراكه لتطور السياسة الدولية المستقبلي فضلاً عن المواقف الإسرائيلية المتشددة التي أطلقها إرييل شارون إثر إخفاق مباحثات طابا أدت إلى كوارث بالفلسطينيين لا مثيل لها، فعندما يتراجع العمل والتضحيات من أجل السلام تبرز في الإنسان وفي الشعوب المطامع وأسوأ الغرائز. والثالث، وهو التسامح وقبول الآخر، وهذا كان الفضل فيه للدور الذي تلعبه مملكة البحرين عبر تاريخها، وكان جلالة الملك حمد بن عيسى هو القوة الدافعة للتسامح بين الأديان منذ توليه مقاليد الحكم في المملكة عام 1999. من هنا استحق جلالته هذا التكريم أيما استحقاق، وهو لم يسعَ له، وإنما التكريم هو الذي سعى لمن يستحقه. وكان اختيار من قام بتسليم الجائزة لمعالي الشيخ خالد بن أحمد بن محمد وزير الخارجية، نيابة عن جلالة الملك المفدى، هو إنسان من أبرز سياسييِ العصر بوجه عام والسياسة الأمريكية بوجه خاص، ألا وهو الدكتور هنري كيسنجر صاحب المبادرات والأدوار الكبيرة في السياسة الأمريكية والسياسة الدولية.ومن هنا نوجه تهنئة خالصة لجلالة الملك، من القلب ومن قلوب العرب والمصريين المحبين للسلام والعاملين من أجل نشر الثقافة والتعليم والتسامح الذين يكنون تقديراً خاصاً لجلالة الملك حمد على دوره المتميز من أجل السلام ومحاربة التطرف والإرهاب ونشر التسامح وهو من خصائص جلالته حتى قبل توليه السلطة، ونود أن نشير هنا لكتابه الأول المنشور عام 1986 بعنوان «الضوء الأول»، وهو عبر عن رؤية مستقبلية إستراتيجية لجلالته.* كاتب مصري - خبير في الدراسات الإستراتيجية
Opinion
الملك حمد بن عيسى.. وجائزة «الإنجاز مدى الحياة»
05 أكتوبر 2016