من الآخر، يريد البعض من الحكومة أن تتنازل له عن الحكم في الأسبوعين الأولين من شهر محرم وتسكت عنه وتتركه يفعل ما يشاء على هواه وحسب تقديره، وإلا اعتبرها حكومة معادية، واعتبر نفسه مظلوماً، وأعطى نفسه حق التحريض والتخريب ومخالفة القانون. هذا باختصار سبب كل ما جرى في بعض القرى منذ اليوم الأول من عاشوراء. «إما أن تتركوني أفعل ما أشاء بالكيفية التي أشاء، وإن خالفت بذلك القانون وتجاوزت على الآخرين، أو أصرخ وأوصل صوتي إلى المنظمات الحقوقية الدولية وأقول إن الحكومة تستهدف الشيعة وتضيق الخناق عليهم وتريد أن تحرمهم من ممارسة شعائرهم الدينية بدليل أنها تنزل الرايات الحسينية واللافتات التي تم تعليقها تعبيراً عن المناسبة».هذا منطق لا ترفضه حكومة البحرين فقط ولكن كل حكومة في العالم وأولها الحكومة الإيرانية التي يعتبرونها مثالاً ونموذجاً، والتي تحرض ذلك البعض وتدفعه للتحرك في هذا الاتجاه، فلا توجد حكومة تقبل أن يتحكم الآخرون في المكان والزمان بدلاً عنها أياً كانت الأسباب، ولا توجد حكومة يمكنها أن تسكت وهي ترى القانون الذي وضعته لينظم حياة الناس وقد اعتدي عليه وترى التجاوزات والمخالفات ولا تحرك ساكناً.من حق المواطنين، الشيعة وغير الشيعة، أن يمارسوا شعائرهم الدينية وبالكيفية التي تشعرهم بالارتياح، فهذا حق يكفله الدستور، لكن من حق الحكومة أيضاً أن تفرض على الجميع احترام القانون، فإن تجاوزوه حاسبتهم واتخذت ضدهم الإجراءات حسب القانون أيضاً.ما جرى في الأيام القليلة الماضية هو أن البعض بالغ في ممارسة حقه، وتجاوز وأراد أن يفرض نفسه وقانونه، فكان من الطبيعي أن يتم التعامل معه حسب الموقف وفي إطار القانون. لولا أن الرايات التي تم تعليقها في بعض الأماكن كانت مخالفة للقانون أو لما تم الاتفاق عليه بين الحكومة والجهات ذات العلاقة لما أقدم رجال الأمن على إزالتها، وهذا يعني أنهم -منطقاً- لم يزيلوا الرايات الحسينية ولكن أزالوا المخالفة، ذلك أن القصة تكمن في المخالفة وليس في الرايات واللافتات بدليل أنه تم إنزال البعض منها فقط.ما جرى في تلك الأيام هو أن البعض عمل على حرف المناسبة عن توجهها الديني فرفع شعارات لا علاقة لها بعاشوراء، وخلط بين المناسبة وبين أمور سياسية لا تستوعبها المناسبة ولا مكانها، بينما لم تتأخر بعض الجمعيات السياسية عن التحريض والدعوة إلى التصدي لرجال الأمن والاستفادة من موسم عاشوراء في تحقيق أهداف سياسية بحتة، حيث امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بتلك الدعوات وبذلك التحريض فخرجت مجموعات صغيرة في مظاهرات ببعض القرى رفعت رايات حسينية وشعارات سياسية.موسم عاشوراء خاص بالمعزين والمشاركين في إحياء ذكرى سيد الشهداء ولا يقبل استغلاله لتحقيق مآرب أخرى، لهذا فإن القول إن ما قام به البعض من مخالفات يعتبر اعتداء على مناسبة عاشوراء قول صحيح منطقاً، فمن يريد أن يحيي هذه المناسبة لا يقبل منه أن يخلطها بما يحرفها ويجرحها ويتسبب في تعطيلها.الأجهزة الحكومية المعنية تتصدى للممارسات الخاطئة ومهمتها منع المخالفات وتجاوز القانون، وهذا حق الحكومة، ومن يحرص على عدم جرح هذه المناسبة العظيمة ليس عليه سوى الالتزام بالقانون وعدم تجاوز الأنظمة والتعاون مع الجهات الأهلية والرسمية ليتمكن المعزون من الوفاء بالتزامهم.ما جرى في الأيام القليلة الماضية لا تلام فيه الحكومة لأنها ليست السبب فيه ولكن يلام فيه ذلك البعض الذي لايزال مصراً على خلط الأمور ويسعى إلى استغلال مناسبة عاشوراء بما يخدم أهدافه ومراميه ومن دون أن تعني له نتائج ما يقوم به شيئاً.
Opinion
لا لإزالة الرايات الحسينية
06 أكتوبر 2016