الوضع بات لا يطاق، مما دفع الكثير من المواطنين لمطالبة الصحافة بأن تتطرق لموضوع «الاختناقات المرورية»، بالأخص في الفترة الصباحية وظهراً عند نهاية الدوام، ووصلتنا العديد من المطالبات بأن نركز على الموضوع باعتبار أن الصحافة «لسان الناس» و»صوت الشارع». بداية أقول هنا إن وزير الأشغال المهندس عصام خلف من أنشط الوزراء الكفوئين الذين يعملون بجد واجتهاد، حاله كحال بعض الوزراء الذين شهدنا نشاطهم وعملهم الجاد في قطاعاتهم، ومع ذلك المسؤولية الملقاة على عاتقهم كبيرة جداً، خاصة وأن عملهم يرتبط بالناس ومصالحهم. لذلك نقول وكلنا أمل بأن نلمس المساعي الجادة للإخوة في وزارة الأشغال مع ما عبر عنه الناس خلال الأيام الماضية من استياء جراء حال شوارعنا. بداية نسبة السيارات في البحرين مرتفعة جداً مقارنة بعدد السكان من مواطنين ومقيمين، يقابلها في بعض المناطق شوارع ضيقة إن حصلت في عملية السير فيها أي إشكالية ولو بسيطة، فإنك ستعاني من حالة ازدحام تفقدك أعصابك بل قد تقودها للانهيار. لكن الحديث هنا عن بعض المناطق الحيوية التي تهم الناس في فترتها الصباحية وحتى فترة الظهيرة، وتحديداً المناطق التي تضم المؤسسات التعليمية. لو أخذنا على سبيل المثال «المنطقة التعليمية» الواقعة في مدينة عيسى، فسنجد أن غالبية ملاحظات الناس واستيائهم كلها تنحصر في هذه المنطقة. هناك عدد من المدراس الخاصة والحكومية في هذه المنطقة، تضاف إليها جامعتا البحرين و»بوليتيكنك» وكذلك معاهد تعليمية، إضافة لعدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية على رأسها وزارتا التربية والتعليم والإعلام، والأخيرتان فيهما من الموظفين أعداد كبيرة فقط دخولهم وخروجهم من الوزارة بحد ذاته يسبب مشكلة ازدحام كبرى. أولاً، لابد من وجود حل للاختناق المروري الحاد الذي يصيب المنطقة في فترتي الصباح والظهيرة، وطبعاً الفترة الصباحية تسبب «قلقاً كبيراً» لأولياء الأمور الذين يقلون أبناءهم للمدارس، إذ التأخير الحاصل جراء الازدحام يتسبب بتأخير لأولياء الأمور في الوصول لأعمالهم في الوقت المحدد. كذلك جهود رجال المرور لابد أن تتضاعف في المنطقة، والتركيز يجب أن يكون على تسيير الشوارع بطريقة سلسلة دون أن يكون هناك ازدحام قاتل. يحكي لي بعض أولياء الأمور أنهم قضوا قرابة الساعة في قطع مسافة لا تتعدى الـ 200 متر الأسبوع الماضي بسبب الازدحام غير المعقول. هنا لابد من التفكير في حلول، وأجزم بأن المعنيين في وزارتي الأشغال والداخلية ممثلة بالإدارة العامة للمرور، يفكرون في ذلك بالضرورة. لكن المطلوب هو إيجاد حلول سريعة تهدئ من غضب الناس، وتوجد مخارج للوضع الحالي، إذ بناء «كوبريهات» وفتح مسارات جديدة كلها أمور تتطلب وقتاً، لكن ربما عملية تكثيف رجال المرور قد تفيد، والتفكير بدوامات مرنة لموظفي الوزارات والهيئات، والوزارات في المنطقة، بحيث نضمن عدم تلاقيهم في نفس الوقت مع وقت بداية «الدوامات» المدرسية قد تكون بعض الحلول المؤثرة. في كثير من الازدحامات الحاصلة في مناطق عديدة في البحرين، يقودنا التفكير مباشرة لمسألة التخطيط العمراني أو تخطيط الشوارع والمسارات، أحياناً نقول إنه بديهياً لا يجب أن يكون الشارع بهذه الطريقة أو تلك، أو أن توقيت تبدل لون إشارات المرور غير متسق مع احتياجات المرور في تلكم الشوارع. نعرف أننا لن نقول شيئاً يكون «أكثر فهماً» لما يمكن أن يقوله المختصون، لكن ما نقوله نحن كمواطنين وجمهور مستهدف هو «الأهم»، باعتبار أننا المعنيون باستخدام المرافق والذين يجب أن توجه الجهود لخدمتهم بناء على احتياجاتهم ومتطلباتهم، خاصة وأن هذه المبادئ هي التي يقوم عليها برنامج عمل الحكومة، الموجه في «جوهره» لخدمة الناس. نأمل أن نرى تحركاً يحقق الرضا لدى الناس، ويحل جزءاً مؤثراً من المشكلة، لأن الوضع الحالي فيه ضرر للتلاميذ وأولياء أمورهم ولموظفي الحكومة. لسنا نبالغ، ولربما نحتاج من بعض المسؤولين أن يخوضوا التجربة التي يخوضها الناس يومياً، بأن يذهبوا لهذه الشوارع في أوقات الذروة صباحاً أو ظهراً ويروا بأعينهم وهل يمكنهم تحمل مثل هذا «الضغط النفسي» يومياً، وعلى فترتين؟!