اليوم هو العاشر من شهر محرم، يوم استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، ومن كان معه في كربلاء، اليوم الذي لا ينسى. هو يوم حزن وأسى على ما جرى لآل البيت الكرام، فيه يعبر المسلمون بمختلف طوائفهم عن حزنهم العميق ورفضهم للظلم وانتصارهم للحق. ومقابل البعض الذي يعبر عن ذلك بالصوم وارتداء الحزن وربما بقراءة ما يتيسر من كتب عن استشهاد الحسين ويوم كربلاء وعن الإسلام ورسالته والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقراءة القرآن الكريم والصلاة والدعاء، يمارس بعض آخر ما يدفع إلى طرح الكثير من الأسئلة ويوصل إلى استنتاجات سالبة تضر المذهب الذي ينتمي إليه، ففي تلك الممارسات ما يسيء إلى الإسلام، خصوصاً أن أغلبه يدخل في باب ما لا أساس له ولا يتوفر ما يؤيده من روايات. من ذلك على سبيل المثال التطبير، الذي هو عملية إدماء بضرب الرؤوس بالسيوف، والتي يشارك فيها حتى الصغار ولا ينتج عنه غير الأذى، وهو التعبير الأساس في هذا اليوم خصوصاً من قبل مقلدي بعض المراجع الذين لا يحرمونه وإنما يعتبرونه أمراً مرغوباً فيه، إن لم يكن واجباً، حتى أن القنوات الفضائية التي يديرها مقلدوهم يدعون بقوة إلى المشاركة في هذه الممارسة ويروّجون لها بطريقة مثيرة «في إحدى تلك القنوات قال شخص كان يعتلي المنبر الحسيني ويتحدث بالإنجليزية إن كل من يطبر ويدمي رأسه تعبيراً عن حبه للحسين لا يصاب بالسرطان»! وهناك ممارسات أخرى جديدة صارت «فقرات» أساسية في عزاء سيد الشهداء في هذا اليوم مثل ضرب الظهور بالسكاكين والسلاسل الحديدية بهدف الإدماء و«ركضة طويريج»، التي يشارك فيها النساء أيضاً تقليداً لما يقوم به البعض في كربلاء، وغيرها من ممارسات يختلف بشأنها كثيراً، بسبب ما ينتج عنها من ضرر على من يقوم بها وعلى الشيعة والإسلام «انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أخيراً مقاطع فيديو قصيرة لمجموعات تقرع الطبول بشكل متواصل وأخرى تلطم الصدور في خيمة على إيقاعات تشبه الأغاني الشبابية المنتشرة في الملاهي يقودها اثنان يعتليان مسرحاً ويعرف بـ «عزاء الشور»». عن هذه الممارسات التي يصفها بالخاوية يطلق مرتضى المطهري في سلسلته الشهيرة «الملحمة الحسينية» صرخة في وجه ممارسيها ويتهمهم بإخراج العزاء عن أصالته وجوهره والابتعاد عما تدعو إليه هذه المناسبة العظيمة من سمو وقيم ويقول إن حادثة كربلاء تعرضت للكثير من التحريف اللفظي والتحريف المعنوي، ولا يتردد عن القول بأن المآتم التي تقام اليوم على الحسين جديدة، وإنها لم تكن هكذا فيما مضى، بل يصل إلى حد القول «إننا يجب أن نبكي الحسين عليه السلام ولكن ليس بسبب السيوف والرماح التي استهدفت جسده الطاهر الشريف في ذلك اليوم التاريخي بل بسبب الأكاذيب التي ألصقت به» «السلسلة طبعت قبل أكثر من ربع قرن، أي أنها لا تشمل الجديد الذي تم إدخاله في السنوات التالية». طبعاً غني عن القول إن البعض لا يتقبل مثل هذا الكلام ويعتبره تجاوزاً وجرأة لا تليق بالمناسبة، فهو يعتبر أن ما يقوم به هو الصحيح بل الواجب وأن من دونه يكون التعبير عن حب الحسين ناقصاً ومخلاً. هل من لحظة وعي تعيد الأمور إلى نصابها وتوقف هذا الانفلات المسيء إلى قضية الحسين؟ المسؤولية في اعتقادي تقع بالدرجة الأولى على علماء الشيعة والسنة الذين عليهم أن يفرضوا صيغة جديدة خالية من كل ما قد يسيء إلى الحسين وآل البيت من ممارسات سالبة لا ينتج عنها غير الأذى والسوء، تماماً مثلما أنه من واجبهم منع خلط الأمور واستغلال مناسبة عاشوراء لخدمة أهداف سياسية لا علاقة لها بقضية الحسين. فمن يبدأ الصرخة؟