على مدى مئات السنين ظلت البحرين تتصدر البلدان التي تشهد أعظم المشهديات وأكثرها نقاء وأصالة في إحياء عاشوراء الحسين عليه السلام، وتقام فيها المواكب الحسينية الجليلة والحاشدة بصورها الكربلائية والوطنية جنباً إلى جنب، بل على ذات المستوى من الاهتمام والرعاية .. وظلت هذه العادات والأعراف خصوصية بحرينية تتميز بها المملكة عن مختلف دول وبلدان العالم، بفضل تكاتف الجميع: سنة وشيعة؛ مواطنين ومسؤولين؛ عوائل ومؤسسات، أفراداً وجماعات.وكانت البحرين وما تزال قبلة خطباء وقراء المنبر الحسيني، بل كانت البحرين هي المحفل الذي يحصل فيه كبار القراء والخطباء على التعميد والتكريس كسادة من سادات المنبر الحسيني يشار إليهم بالبنان.. وعلى مدى عشرات السنوات ظلت الهيئة العامة للمواكب الحسينية تكتسب أثرها التاريخي الجليل وحضورها الوطني والعقائدي الكريم في أنها أولى المؤسسات الجعفرية التي أخذت على عاتقها رعاية المواكب الحسينية وإدارتها والإشراف عليها تحت مظلتين عظيمتين لا يجوز الفصل بينهما، ألا وهما: العقيدة والوطن..! ولعل هذا ما ميز هيئة المواكب الحسينية عن كثير من مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الجعفرية الأخرى.. واليوم، والهيئة العامة للمواكب الحسينية تتشرف بحمل رسائل الشكر والتقدير إلى القيادة الحكيمة على ما توليه والحكومة الرشيدة في جميع مستوياتها من رعاية واهتمام لعاشوراء الحسين وما يرافقها من شعائر ومناسبات ومظاهر تميزت بها البحرين على الدوام، وكانت دائماً محل تقدير واحترام؛ بل مشاركة من جميع فئات ومكونات الوطن.. فإنما تقوم بدورها الذي قامت على أسسه ومبادئه وأعرافه منذ البدء، وهو أن تكون الممثل النقي لشعب الطائفة وعوائلها ومأتمها ومشاعرها وشعائرها على نحو خاص، والممثل الصادق والحقيقي والواقعي للحالة الوطنية البحرينية التي يكون الجميع فيها شركاء بالحسين كما هم شركاء بالوطن.. وما نريده لعاشوراء الحسين في البحرين، أن تبقى علماً خفاقاً على الخصوصية البحرينية بأجمل مظاهرها وأسرارها، وركناً أساسياً من أركان هويتنا الوطنية، واجتماعاً يلتئم فيه شمل الوطن كله.. نريدها أن تبقى دائماً خارج نطاق السياسة والتسييس.. بل خارج نظاق الطائفية نفسها..! لقد ساهمت الرعاية الملكية السامية على نحو خاص لمسيرة عاشوراء الحسين في البحرين منذ بواكير العهد الزاهر، في تطوير مظاهر وأساسيات الشعائر الحسينية في المواكب وغيرها.. وما تفضل به جلالة الملك المفدى في هذا المجال، وإن كان فريداً وجليلاً في مستواه، إلا أنه لم يكن فريداً من الناحيتين التاريخية والموضوعية.. فقد كانت القيادة البحرينية دائماً في محل الرعاية والاهتمام والعناية للشعائر الحسينية، وإبرازها كخصوصية بحرينية نعتز بها جميعاً، وتظهر وحدتنا المجتمعية والوطنية كأسرة واحدة في الوطن الواحد.. أما رعاية وعناية صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة بالهيئة نفسها وبرجالاتها عبر تاريخها وتاريخهم وقد كانوا من صفوة وجهاء البلاد ومن رجالات رعيلها الأول، فهذه بحد ذاتها قصة تستحق أن تروى ، وأن تجد لها مكاناً في سفر وحدتنا الوطنية، وفي سلسال العلاقة الراسخة بين عميد نهضة البلاد ورجالاتها الأوفياء.. هذا بالطبع إلى رعاية صاحب السمو لأهداف الهيئة وتطلعاتها ابتداء من إعلاء شأن الشعائر والمواكب الحسينية، والمحافظة على وطنيتها الكاملة، جنباً إلى جنب مع المحافظة على أمنها وعلى رفعتها وعلى أدوارها الاجتماعية والوطنية والتووعوية.. ولذلك فقد كانت توجيهات سموه ورعايته المباشرة حاسمة في تأصيل الأدوار المتكافلة لمختلف مؤسسات ووزارات الدولة في خدمة موسم عاشوراء الحسين ورعايته وتطويره وصيانته، وفي مقدمة هذه الوزارات والمؤسسات: وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، ووزارة الداخلية، ووزارة الصحة، والمحافظات.. وغيرها.. وفي نفس الوقت فقد نجحت الهيئة العامة للمواكب الحسينية في الحفاظ على سيرورة المواكب الحسينية ومظاهرها المرافقة وشعائرها الأصيلة بكل قداستها كتعبير موسمي وعفوي وشعبي عن هوية البحرين التي كانت دائماً وما تزال وطناً رحباً يسع الجميع، وبراحاً للحريات والحقوق، وأرضاً للمحبة والتسامح والسلام؛ تضع كل أبنائها في اطار واحد موحد، هو إطار الوطن والمواطنة الذي يسع الجميع ويليق بالجميع ويلتئم عنده الجميع.. إن هذا التمازج الحميم بين ما هو وطني وما هو ديني في الشعائر الحسينية في البحرين ومواكبها ومآتمها، وبين ما هو شعبي وما هو رسمي، وما هو جعفري وما هو سني، وما هو إسلامي وما هو مسيحي، وما هو بحريني وما هو هندي وباكستاني وإيراني وعراقي وغيرذلك.. أقول إن هذا التمازج الحميم والأصيل والعفوي، إنما هو نتاج لكل ما سلف من عادات وأعراف وتقاليد راسخة بيننا هنا في البحرين، ومن رعاية وعناية سامية من لدن قيادتنا الحميمة وحكومتنا الرشيدة بمختلف مستوياتها التنفيذية والأمنية .. وهذا التمازج وما يترتب عليه من نتائج عظيمة وأصيلة نتفيأ جميعاً ظلالها الوارفة، يحتاج كي يبقى ويتعزز ويزداد متانة إلى المزيد من الرعاية منا جميعاً.. وإلى توطيد أواصر التواصل بين الهيئة العامة للمواكب الحسينية والقيادة الحكيمة أولاً ومن ثم كبار المسؤولين في الأجهزة والوزارات المعنية، والتي ننتهز هذه المقالة كي نقدم لها واجب الشكر والامتنان على مختلف جهودهم المشكورة والمشهودة من الجميع، سواء لجهة تعزيز أمن وسلامة المواكب الحسينية، وتسهيل شؤونها، أو لجهة الرعناية والرعاية التي تبديها الجهات المختصة في كل المظاهر الموسمية لعاشوراء الحسين.. في لقاءاتنا مع القيادة الحكيمة .. بمناسبة اكتمال دورة موسم عاشوراء الحسين لهذا العام على هذه الصورة المشرفة والرائعة.. نريد أن نقول للقيادة الحكيمة: شكراً.. ولكبار المسؤولين : شكراً .. وللبحرين كلها : شكراً.. وموعدنا أن شاء الله في موسم قادم . منصور حسن بن رجب الرئيس الفخري للهيئة العامة للمواكب الحسينية