قبل أيام كنا نقرأ بعض التصريحات «العنترية» لنواب، يحاولون فيها «الضحك» على المواطن.واسمحوا لي أن أصفها بأنها «ضحك على المواطن»، لأنكم في وقت الرخاء، بعضكم ومن سبقكم من أعضاء لـ»مجلس الشعب»، لم تنجحوا في رفع «راتب المواطن» بزيادة «مؤثرة وفارقة»، وعليه فإن الحديث اليوم عن سعي بعض النواب لرفع راتب المواطن، في ظل أزمة مالية عاصفة، وفي ظل سعر مترنح للنفط، هي مثل محاولة حفر جبل من الصخر بـ»ملعقة بلاستيكية»!بالتالي إن كان من نواب يريدون اليوم اللعب على مشاعر الناس، من خلال الحديث عن الرواتب، و»تعشيمهم» بأن هذا سيحصل، خاصة مع وجود أناس بسطاء، يتأثرون سريعاً بهكذا عناوين وأخبار، وما يصلهم عبر «الواتساب»، فإننا نقول لهم يا نواب رجاء «قولوا خيراً أو اصمتوا».بعضهم، يدرك بأن مسعاهم ضرب من الجنون في الوقت الحالي، بالتالي لا تحتاج العملية «لفهلوة» حتى تدرك عزيزي المواطن بأنها محاولة هدفها بالفعل «إبراء ذمة»، والقول بعدها للناس «حاولنا ولكن الظروف».يا «بعض» النواب، المواطن البحريني ليس ساذجاً إلى هذا الحد، هناك مواطنون والله «يضيعون» بعض النواب في مستوى التفكير والتحليل وحتى البلاغة في القول والقدرة على الكلام بأسلوب ومنطق.لذلك قلنا قبل أيام «إن كنتم لا تقدرون على منح المواطن شيئاً، أو تعديل وضعه، بالأخص بشأن الراتب، أضعف الإيمان أن تحرصوا ألا يتضرر المواطن أو ينتقص من مكتسباته شيء».ومع ذلك، واتركوا هنا من يحاولون دغدغة المشاعر بالتلحين على مقترح «خرافي» بشأن زيادة الرواتب، ومع ذلك يصدمك نائب اختاره الشعب، يخرج عليك في الصحافة ليقترح على الحكومة «تخفيض رواتب الموظفين»؟! أو «يجيز» لها ذلك، بحسب تعبيره الدقيق.وللأسف يستشهد النائب بتقرير نشر مؤخراً يشير لعدد الموظفين الذين تبلغ رواتبهم ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف أو أقل، وكأنه مستكثر على الناس هذه الرواتب، علماً بأن أغلب مستلمي هذه الرواتب هم في مناصب الوكلاء المساعدين والمديرين، ويفترض أن النائب يعرف ذلك جيداً، والمفترض أنه يعلم بأن هذا العدد الذي أشار إليه بالنسبة لوضع دولة مثل البحرين يعتبر عدداً قليلاً، ويعني في المقابل أن تكدس الأعداد العظمى للموظفين في منطقة رواتب تعتبر غير عالية لو قورنت ليس مع دول الخليج، بل لو قورنت مع القطاع الخاص، ومع بعض الهيئات.المشكلة هنا بأن النائب لم يتطرق حتى للوزراء أو رؤساء بعض الهيئات الذين رواتبهم تفوق الوزراء، وانطلق مباشرة إلى المواطن! وعقد حسبة سنوية لرواتب من يستلمون 3 آلاف و4 آلاف وقال إنها تكلف الملايين، لكنه لم يقم بحسبة سنوية لمجموع رواتب الوزراء ورؤساء الهيئات والنواب أنفسهم والشوريين، فـ»عسى ما شر»؟!أستغرب والله من هكذا تصريحات، والله الناس انتخبوكم لتكونوا عوناً لهم، «لا فرعون» عليهم، يكفي الناس ما يعانونه اليوم من قرارات اتخذت، لم يستطع النواب الوقوف أمامها، وهنا نذكر النائب بموضوع رفع الدعم عن اللحوم، ويومها كان للنائب المعني موقف طيب مع الناس، أتذكر صراخ النائب في البرلمان وهو يقول مستاء من الموضوع بأن «الناس طفح فيها الكيل»، فما الذي حصل اليوم، هل كان ذاك المشهد «تمثيلاً» أم ماذا؟!بغض النظر عن الموضوع، أو تشعباته، أو قبوله التأويل والشرح والتحليل والتفصيص، لماذا يأتي مثل هذا المقترح من نائب يفترض أن يمثل الناس وأن يكون هو حائط الصد المدافع عنهم، لو كانت هناك توجهات من جهات حكومية لرفع رسوم أو تقليل مكتسبات؟!والله يحتاجكم المواطن لتدافعوا عن حقوقه، أو أقلها -في الوضع الحالي- لتضمنوا عدم تأثره أو تضرره، لا أن «تفتحوا» عيون السلطة التنفيذية عليه، وكأنكم تقولون لهم «لتحلوا الأزمة الاقتصادية.. خذوا من رواتب الناس»!!لا حول ولا قوة إلا بالله، من مع المواطن بالضبط يا جماعة؟! نواب من جانب يدغدغون مشاعر الناس ويعدونهم برفع رواتبهم، وفي جانب آخر نائب يقترح على الحكومة ويقول لها «تفضلي خذي من رواتب الناس لو احتجتِ»، والمبرر أن «المواطن عليه أن يتحمل مسؤولية»!!والله المواطن يتحمل مسؤوليات كبيرة، يكفي أنه يتحمل مسؤولية معيشته مع أبنائه والانتظار طويلاً للحصول على خدمات الإسكان، والراتب الذي يطير بداية كل شهر مع القروض، ومصاريف المدارس، وغلاء الأسعار، والرسوم القديمة والجديدة، حتى على «الصرف الصحي» سيدفع المواطن، وطبعاً لا ننسى اللحم والبنزين والكهرباء. هذا فقط للعلم للنائب صاحب المقترح.والله تمنيت من النواب بدل ذلك، أن يفسروا للناس الذين انتخبوهم كيف تم رفع سعر البنزين في يوم وليلة، وهم «خبر خير»؟! تمنيت بدلاً من مقترح «خفض الرواتب»، أن يكون للنواب موقف واضح بشأن السياسات التقشفية القادمة، والتي واضح أنها ستأتي في مسار فرض رسوم، وتقليل مزايا، وما أثير قبل أيام من إقرار الضريبة الشرائية بواقع 5% على الناس، ما يعني زيادة الأسعار في كل شيء، إلا راتب هذا المواطن الذي لا يزيد، بل واضح أنه سينقص طالما هناك نواب «يدللون» عليه.والله أنا أقترح أولاً أن يتم خفض راتب النائب نفسه، من 4750 ديناراً شهرياً، إلى «نصف المبلغ» أقلها، لأننا في «أزمة مالية»، وعليه أن «يتحمل المسؤولية» أيضاً!