مشكلة البعض أنه قطع كل الخيوط مع الحكم، وهذا خطأ استراتيجي قاتل ويعني أن كل الطرق التي يمكن أن تسلك حتى لتحقيق مكاسب آنية لم تعد صالحة لهذا الغرض، فعندما تقطع كل الخيوط مع الآخر فالأكيد أنك لن تجد وسيلة للتواصل معه وحل الخلاف بينك وبينه. وبما أن مسألة إسقاط النظام من سابع المستحيلات، وهو ما يؤكده المنطق والواقع، لذا فإن النتيجة المنطقية لهذا الخطأ هي بقاء الحال على ما هو عليه واستمرار معاناة ذلك البعض وتكبده المزيد من الخسائر، وتخسير من وضع بيضه في سلته واعتقد في لحظة أنه الخيار الصحيح. العاقل لا يقطع كل الخيوط مع الآخر، ومن يعمل في السياسة ويرتكب مثل هذا الخطأ لا يمكن أن يوصف بالسياسي، والسياسي الذي يتورط في هكذا عمل الأفضل له أن يترك الساحة لمن يعرف كيف يشتغل سياسة وكيف يستغل الظروف ويحقق المكاسب.الحماقة التي ارتكبها ذلك البعض في لندن أخيراً تؤكد أنه اختار قطع كل الخيوط وقرر أن يخرج من المولد من دون أي شيء، فماذا بعد التعرض لرموز الوطن؟ من هنا صار لزاماً على الجمعيات السياسية «المعارضة» وأولئك الذين لايزالون يقفون على الحياد أن يتخذوا موقفاً واضحاً من تلك الحماقة ومن ذلك الخطأ الاستراتيجي كي لا يتضرروا منهما، فاستمرارهم على الحياد واستمرار انغماسهم في السلبية يفقدهم ما تبقى من خيوط لم تنقطع بعد ويكونون بذلك قد ظلموا الناس الذين وثقوا فيهم وفي رأيهم. ما ينبغي أن يهتم به ذلك البعض أيضاً ومن يؤيده هو أن طبيعة المجتمعات الخليجية تختلف عن طبيعة المجتمعات الغربية التي ربما يكونون قد تأثروا بها واعتقدوا في لحظة أن الخيار الصحيح هو استنساخ تجربتها، ففي تلك المجتمعات وبسبب قدم تجربتها واختلاف ظروفها وناسها لا تتأثر العلاقة بين المواطنين والحكم بسبب أنهم يتخذون منه موقفاً، والعلاقة لا تتأثر بينهما مهما ارتكبوا من أخطاء، لكن مثل تلك الأخطاء لا يمكن للمجتمعات الخليجية أن تستوعبها لأنها تختلف عن المجتمعات الغربية في أمور كثيرة. هذا خطأ فادح آخر يقع فيه ذلك البعض وهو يعني أنه لا يضع في الاعتبار اختلاف طبيعة المجتمعات الخليجية التي يعتبر أهلها التعرض للحاكم تعرضاً لها وإساءة لا يمكن قبولها تحت أي ظرف من الظروف، والتي فيها أيضاً يعتبر المنتمون إلى القبيلة التي ينتمي إليها الحاكم مثل هذه الأخطاء أخطاء في حق القبيلة وحق كل منتمٍ إليها. مثل هذا الأمر غير موجود في المجتمعات الغربية وحصوله لا يعني للناس هناك أي شيء، لكنه هنا في المجتمعات الخليجية الأمر مختلف، بل مختلف جداً، وهو ما ينبغي أن ينتبه إليه ذلك البعض وتنتبه إليه الجمعيات السياسية وكل من يعتبر نفسه «معارضة». تلك أخطاء قاتلة يقع فيها ذلك البعض وكل من يقول بقوله ويتعاطف معه، وكان يفترض من الجمعيات السياسية كونها تمتلك شيئاً من الخبرة ومرت بتجارب حياتية عديدة أن تنبهه لذلك وأن تعينه على تدارك أخطائه كي لا تتضرر منه هي على الأقل ولا يتضرر منه الناس الذين وثقوا فيه وفيها في مرحلة أو أخرى، لسبب أو لآخر. ولكن، لأن ذلك البعض قطع كل الخيوط لذا صار طرح السؤال عن الخطوة التالية أكثر منطقية وأكثر من مهم، فماذا بعد؟ وهل ما حصل حتى الآن من ذلك البعض ومن سلبية لاتزال تعيشها الجمعيات السياسية ويعيشها أولئك الذين لايزالون يقفون على الحياد يعني أن الحال التي صرنا فيها ستستمر؟
Opinion
تلك الأخطاء القاتلة
01 نوفمبر 2016