المادة الخامسة من الباب الأول من المرسوم بقانون رقم 54 لسنة 2002 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب تقول:يؤدي كل عضو من أعضاء مجلس النواب، في جلسة علنية وقبل ممارسة أعماله في المجلس أو لجانه اليمين التالية:«أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للوطن وللملك، وأن أحترم الدستور وقوانين الدولة، وأن أذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وأن أؤدي أعمالي بالصدق والأمانة».نورد المادة هنا، رغم أنها موجودة في لائحة المجلس من 16 عاماً، فقط لنذكر بعض النواب بمهامهم الأساسية التي أقسموا عليها، وأهمها الجزء الذي يقسم فيه بأن «يذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله».نكتب هذا لأنه وللأسف بات ملاحظاً بأن بعض النواب نسي هذا الجزء من القسم، وبات الناس بالنسبة إليه عنصراً منسياً، رغم أنهم أساس وجوده في المجلس، بات الناس مصدر إزعاج له إن خالفوه الرأي أو استاؤوا من أدائه، فقط يتذكرهم بـ «كل قوة» حينما يحين موعد الانتخابات، حينها ترى «المترفعين» من النواب عن البشر يضربون أروع الأمثلة في «التواضع» مع الناس، ولربما يصلون لأبواب بيوتهم ليطرقوها ويسألون عنهم، في حين طوال أربع سنوات لربما لم يلقوا التحية على أقرب جيرانهم في المنطقة، أو اهتموا بمشاكل ناخبيهم فيها. لكننا نوثق هنا الجزئية المعنية بالناس في القسم، إذ هي تقول بأن مهمتك يا نائب بأن «تذود» عن حقوق الناس وأموالهم وحرياتهم، ما يعني أنك يا نائب ليست مهمتك الدفاع عن الحكومة وسياساتها وعملها في مقام أول، بل عليك أن تدافع عن المواطن أولاً، والأهم أن تدافع عن المواطن بقوة في وجه بعض السياسات التي تمضي بها بعض القطاعات الحكومية، إن كانت تمس مصلحة المواطن. لنبسط المسألة أكثر فأكثر، أي أنه لو جاءت الحكومة في برنامج عملها بسياسة لأجل تحقيقها يمكن أن يتعرض المواطن لنوع من الضغوط المرتبطة بمستوى معيشته، أو الخدمات الموعود هو بأن توفرها له الدولة، فإن «واجبك» يا نائب أن تقف مع المواطن، لا مع الحكومة، واجبك أن تدافع عن مصلحة من انتخبك، لأنه من المفترض أن تكون «صوته»، لا صوت الحكومة. نحن كمواطنين في دورنا المدني من يفترض قبلكم يا نواب أن نحب الدولة والحكومة ونحترمها ولا نقبل الإساءة لها أو التطاول عليها، هذا في جانب السياسة العامة، لكن هذا لا يعني أننا لا ننتقد الأمور إن كنا نراها بمنظور شعبي على أنها تتضمن سلبيات أو أخطاء. هذا دور المواطن الذي تحثه عليه أصلاً الدولة نفسها عبر دستورها، وعبر توجيهات قيادتها، فحرية التعبير مكفولة. لكن هذا لا يبرر أن نجد بعض النواب يستميتون دفاعاً عن سياسات الحكومة أكثر من الحكومة نفسها، لا يعقل ذلك، فالنواب منتظر منهم مناقشة سياسات الحكومة، مناقشة علمية جادة رصينة، تضمن من خلالها أن هذه السياسات صحيحة ولا تمس المواطن وحقوقه، بل على النواب واجب رفض أية سياسات إن لم تصب في خدمة المواطن بشكل كامل، عليكم يا نواب أن تكونوا «عوناً للمواطن» لا «عوناً عليه». نكتب ذلك على خلفية ما يحصل اليوم في مجلس النواب، ومن بروز غير صحيح لبعض الإخوة والأخوات فيه، عبر مقترحات هي أصلاً ليست دورهم، وليست مطلوبة منهم. النواب.. ليس دوركم اليوم التفكير بدلاً من الحكومة بشأن حل الأزمة المالية وغيرها من الملفات، غير مطلوب منكم أبداً «الركض» بمقترحات وأفكار - الحكومة نفسها لم تفكر فيها - وتصب في اتجاه التضييق على الناس والتقليل من مستوى معيشتهم. حتى لو كانت فكرة، حتى لو كانت نيتها طيبة لأجل البلد، مع إنها ضارة للمواطن في الحالة التي نتكلم عنها، حتى مع ذلك كله، ليس هذا دورك يا نائب، دورك أن تقف مع المواطن، وأن تتصدى لمثل هذه الأفكار لو جاءت بها الحكومة لأنها ببساطة تضيق على المواطن. نتكلم هنا بالمنطق، والهدف أن يتوقف بعض النواب عن ابتكار المقترحات الغريبة، مقترحات غالبيتها كانت تدغدغ مشاعر الناس بوعود لا يمكن أن تتحقق في ظل هذه الظروف، لتأتي بعدها مقترحات لـ «صالح الحكومة ضد المواطن» في سابقة غريبة، هي تخالف القسم الذي أقسمتموه بـ «الذود» عن أموال الشعب ومصالحه. عموماً، تريدون مساعدة الحكومة في الوضع الاقتصادي والمالي الذي تعاني منه؟! طيب، بعد أيام تتسلمون تقريراً جديداً لديوان الرقابة فيه عشرات المخالفات الإدارية والمالية والتي هدرت أموال الدولة، أرونا ماذا ستفعلون بشأنه؟!