القائد العام لقوات حرس «الثورة» في إيران اللواء محمد علي جعفري قال أخيراً وهو يستعرض «منجزات» القوات البحريّة الإيرانية منذ انتصار الثورة الخمينيّة حتى الآن إن «الحرس الثوري أصبح القوة الكبرى في المنطقة والأقدر على صيانتها»، أي أن «أمن الخليج» صار في يد إيران، وأن إيران هي التي تتحكم اليوم في مياه الخليج، وهو كلام خطير يفترض ألا يكتفي المعنيون بقراءته خصوصاً في ظل التطورات غير العادية والمتسارعة والمقلقة التي تشهدها المنطقة وفي ظل تراجع الدور الأمريكي واحتمالات دخول «لاعبين» جدد إلى المنطقة لملء الفراغ الذي يمكن أن ينشأ بسبب انحسار الدور الأمريكي المتوقع.الحقيقة التي ينبغي ألا تغيب عن الأذهان هي أن إيران اهتمت في السنوات الأخيرة كثيراً وبشكل غير عادي بتطوير قدراتها العسكرية البحرية حتى وصلت إلى مرحلة التحرش بالقطع الأمريكية المتواجدة في مياه الخليج، والحقيقة التي ينبغي ألا تغيب عن الأذهان أيضاً هي أن دول مجلس التعاون لا تمتلك القدرات العسكرية التي تضمن لها مواجهة إيجابية مع إيران في مياه الخليج خصوصاً لو غاب الأمريكي عن تلك المياه، والحقيقة التي ينبغي ألا تغيب عن الأذهان كذلك هي أن إيران بدأت وبشكل لافت تنفيذ خطة إشاعة الفوضى في دول التعاون عبر عمليات تهريب السلاح التي تتزايد يوماً بعد يوم وعبر تحريك خلاياها النائمة، وعبر التدخل المثير للاشمئزاز في الشؤون الداخلية لدول المجلس والدعم المكشوف لكل فئة تقرر في لحظة الوقوف في خانة العداء مع الأنظمة الخليجية وهو ما يظهر جلياً في حال البحرين. هذه حقائق وليست كلاماً للتخويف، فإيران بالفعل تتحكم اليوم في مياه الخليج، وأمن الخليج صار في يدها وبإمكانها أن تفعل الكثير مما يحلو لها فعله، يعينها على ذلك الصفحات السرية من الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة والتي لا تعرف دول التعاون ما تم تدوينه فيها وجعل إيران بعدها تتحدث بثقة وتعمل وكأنها سيد المنطقة.مهم في هذه المرحلة أن يخرج على مواطني دول مجلس التعاون من المسؤولين من يشرح لهم ما يجري في مياه الخليج وما ينبغي أن تفعله دول التعاون إزاء التطورات التي تشهدها هذه المياه ومستقبلها، ومستقبلهم لو أن الأمور سارت في الاتجاه الذي خططت له إيران ونفذت حتى صار لديها ما يعينها على التحكم عملياً في أمن مياه الخليج والتصريح بذلك بكل عنجهية. مهم أيضاً أن يتم التعامل مع إيران بالطريقة التي تمنعها من ارتكاب أية حماقة مستغلة تحكمها في مياه الخليج وما صارت تمتلكه من قوة بحرية يفترض ألا نستهين بها، فقد يكون بعض ما تقوم بتسويقه عن قوتها البحرية صحيح، وقد يتوفر لبعض ما تدعيه في هذا الخصوص ما يؤكده على أرض الواقع خصوصاً في ظل تطور العلاقة بينها وبين الصين وروسيا اللتين لم ولن تبخلا عليها بالتقنية الحديثة طالما أن لهما مصلحة في ذلك وطالما ضمهما وإيران حلف نرى نتائج اتفاقاته في سوريا على وجه الخصوص، وكذلك الولايات المتحدة التي من الواضح أنها تعتبر إيران البديل الأفضل لضمان وحماية مصالحها في المنطقة من دول مجلس التعاون التي لا يستبعد أبداً أن تبيعها خصوصاً لو حدثت مفاجآت في انتخابات الرئاسة الأمريكية. كمواطنين خليجيين لا نريد أن نستيقظ ذات صباح على أخبار ملخصها أن قوات البحرية الإيرانية منعت دخول أو خروج السفن إلى ومن مياه الخليج، لذا صار لزاماً التعامل مع تصريح جعفري على أن أمن الخليج صار في يد إيران بكثير من الجدية وإعطائه حتى أكثر مما يستحقه، فكلامه خطير، بل خطير جداً.