الهدف من فكرة خروج ذلك البعض في مظاهرات تنتهي بمواجهات مع رجال الأمن هو التقاط بعض الصور والفيديوهات القصيرة التي يظهر فيها دخان مسيلات الدموع وملثمون يدفعون بحاويات القمامة إلى الشوارع ويرمون الحجارة وزجاجات المولوتوف على المعنيين بضبط النظام ليرسلوها إلى الفضائيات «السوسة»، وليقولوا من خلالها إنهم يتعرضون «لاعتداء من قبل الحكومة» وإنهم «صامدون»، ومستمرون وإن نفسهم طويل و»لن يركعوا»، وليقولوا أيضاً إن «البلاد تفتقد إلى الاستقرار وإن الحكومة ضد الحريات وحقوق الإنسان»، وغير هذه من أهداف ظلوا حريصين على تحقيقها. المثير في الأمر هو أنه رغم أن كل هذا لم يفدهم إلا أنهم لا يزالون مستمرين في الفعل نفسه، غير مبالين حتى من توصل العالم إلى قناعة بأنهم إنما يهدفون إلى التخريب والإساءة إلى «وطنهم» وأنهم لا يسعون إلى الإصلاح. وهذا يثير سؤالاً عن الأهداف الخفية لهذا الذي يقومون به خصوصاً وأنهم يعرفون جيداً أن عقوبات بعضها قاس ينتظر من يتم القبض عليه منهم، بل أن الكثيرين نالوا العقوبات مقابل هكذا أفعال لا يبدو أنهم يحققون من خلالها المكاسب. الإستنتاج المنطقي لذلك هو أن ممارسة لم تحقق أية مكاسب منظورة على مدى خمس سنوات ونيف ويتم الاستمرار فيها يعني أن مكاسب غير منظورة ينتظرها من يقوم بها وإلا لما غامر وعرض نفسه للخطر وتحمل العقوبات وتقبل الاتهامات بتخريب كل محاولة لرأب الصدع والتوصل إلى تفاهم مع الحكومة. الاستمرار في هذا الفعل السالب لا يمكن أن يكون اعتباطاً ولابد أن وراءه ما قد يصعب تبينه اليوم. هذا استنتاج منطقي، والغالب أن الجمعيات السياسية توصلت إليه أيضا وطرحت الأسئلة نفسها، ولعلها سعت إلى معرفة ما يجري ويفسد عليها خططها والإصلاح الذي تنشده، «وتؤكد عليه بين الحين والحين»، ولعلها لم تتمكن بعد من معرفة الأهداف الخفية لكل ذلك، وإن أدركت أن ذلك البعض لا يهتم بآرائها ومواقفها. هناك أمر آخر مثير أيضاً هو أن عمليات الاعتداء على مراكز الشرطة ورجال الأمن ازدادت في الفترة الأخيرة مثلما ازدادت المظاهرات التي تنتهي بالمواجهات، ما يدفع إلى السؤال أيضا عن أسباب القيام بذلك في هذه الفترة رغم علم ذلك البعض وتأكده من أن هذا قد يكلفه، بل يكلفه الكثير. من ينشد الإصلاح وتطوير حياة الناس وتحقيق المكاسب للوطن لا يلجأ إلى هكذا أسلوب ولا يصر عليه، ومن يسعى إلى إيجاد حل يرضي كل الأطراف ذات العلاقة لا يستمر في عمليات الاعتداء على رجال الأمن وحفظ النظام ويعرض حياتهم وحياة مستخدمي الطرق للخطر، ومن يقول للعالم إنه متضرر من الحكومة عليه أن يقنعهم بأنها هي التي تعتدي عليه لا أن يقوم هو بالاعتداء عليها وعلى ممثليها. ليس من عاقل يعتقد أن من يدفع أولئك الشباب إلى الشوارع ويحرضهم على رمي رجال الأمن بالمولوتوف والحجارة وافتعال المواجهات لا يدرك النتائج السلبية لهكذا فعل على من يقوم به، وليس من عاقل يرى كل هذا ويقول إن هذا تعبير عن «الصمود» وللقول إن الحراك مستمر، فما يجري يدفع إلى السؤال عن الأهداف الخفية وراء ذلك والمكاسب غير المعلنة التي يتم تحقيقها من هكذا ممارسات لم يتبين لها أية فوائد على مدى كل تلك السنين. لا أحب أن أهول وأقول إن إيران تسعى إلى ما قد لا يخطر على البال ولكني أيضاً لا أستبعد هذه الفرضية، فإيران كما الذئب لا تهرول عبثاً وتمتلك قدرات هائلة في تخريب الأوطان، والأكيد أنها أقنعت «قياديي» ذلك البعض بأن استمرارهم في ذلك النهج سيحقق لهم مكاسب عظيمة مستقبلاً.